وروى البخاري عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين المنذر ابن ساوى نائب كسرى على البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، فدعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تمزقوا كل ممزق (1).
قال محمد بن عمر الأسلمي: وكان مكتوبا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم - من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله أرسلت إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا وأحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، وإن أبيت فإنما عليك إثم المجوس وفي رواية: فلما قرأ كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مزقه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مزق الله ملكه وأهلك قومه وسير كسرى إلى عامله باليمن، باذان أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتنا بخبره، فبعث باذان قهرمانة، ورجلا آخر معه، وكتب معه، وكتب معه كتاب فقدما المدينة بكتاب باذان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا هما إلى الاسلام وفرائضهما ترعد، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ارجعا عني يومكما هذا حتى تأتياني غدا فجاءاه من الغد، فقال لهما: أبلغا صاحبكما باذان أن ربي قتل ربه الليلة لسبع ساعات مضت منها ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وأن الله تعالى سلط عليه ابنه شهرويه فقتله، فرجعا إلى باذان فأخبراه بذلك فأسلم باليمن.
قال أبو الربيع: ويقال إن الخبر أتاه بموت كسرى وهو مريض، فاجتمعت إليه أساورته فقالوا: من تؤمر علينا؟ فقال: اتبعوا هذا الرجل واخلصوا في دينه، وأسلموا وكان باذان أسلم في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولما مات باذان، ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنه شهرويه بن باذان صنعاء وأعمالها، قال ابن كنانة [في كتاب] (2) أخبار العرب والعجم: ولما قرأ كسرى كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مزقه، وبعث إليه بتراب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مزق كتابي، أما إنه سيمزق وأمته، وبعث إلي بتراب أما إنكم ستملكون أرضه.