وزمانه، فأسلموا واتبعوه، تسلم لكم آخرتكم ودنياكم فنخروا نخرة رجل واحد، وحاصوا حيصة حمير الوحش، وابتدروا أبواب الدسكرة فوجدوها مغلقة دونهم فلما رأى هرقل نفرتهم يئس من الايمان وخافهم، قال: ردوهم علي فردوهم عليه، فقال: يا معشر الروم، إنما قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، وقد رأيت ما يسرني، فوقعوا له سجدا ورضوا عنه، فقال الأسقف قاضية: أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذوه فما زالوا يضربونه ويعضونه حتى قتلوه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: إنه يبعث أمة وحده، ثم فتحت لهم أبواب الدسكرة فخرجوا، فقال دحية: ثم بعث إلي من الغد سرا فأدخلني بيتا عظيما فيه ثلثمائة وثلاثة وعشرون صورة، فإذا هي صور الأنبياء والمرسلين قال: انظر أين صاحبك من هؤلاء، فرأيت صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه ينطق، قلت: هذا، قال: صدقت، فقال: صورة من هذا عن يمينه؟، قلت:
رجل من قومه، يقال له أبو بكر، قال: فمن ذا الذي عن يساره؟ قلت: رجل من قومه، يقال له عمر، قال: إنا نجد في الكتاب أن بصاحبيه هذين، يتم الله هذا الدين، فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته، فقال: صدق بأبي بكر وعمر، يتم الله هذا الدين بعدي.
الثانية - روى أبو يعلى وعبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند وابن عساكر عن سعيد ابن أبي راشد قال: لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ألا تخبرني عن رسالة هرقل؟ قال: بلى، قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبوك، فبعث دحية إلى هرقل، فلما جاء كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا قسيس الروم وبطارقتهم، ثم أغلق عليه وعليهم الدار، فقال: إن هذا الرجل أرسل يدعوني، ووالله لقد قرأتم فيما تقرؤون من الكتب ليأخذن ما تحت قدمي، فهلم إلي أن نتبعه فنخروا نخرة رجل واحد، فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا الروم، قال:
إنما قلت لاعلم صلابتكم على أمر كم بينكم، ثم إنه دعاني فقال: اذهب بكتابي إلى هذا الرجل، فما ضيعت من حديثه فاحفظ لي ثلاث خصال انظر هل تذكر الصحيفة التي كتبت إلي بشئ انظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل وانظر في ظهره؟ هل به شئ يريبك، فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك، فناولت كتابي فقال: يا أخا تنوخ، إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه، والله ممزقه وملكه وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فحرقها، والله محرقه، ومحرق ملكه، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها ولن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش، قلت: هذه إحدى الثلاث الذي أوصاني ثم إنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره فقرأها فإذا فيها يدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فأين النار؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين الليل إذا جاء النهار؟ ثم قال: فقال: يا أخا تنوخ، فهل حبوته عن ظهره ثم قال: هاهنا امض لما أمرت فجلت في ظهره، فإذا النبوة في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضخمة، وفي رواية فكتبه في جفن (سيفي) فلما أن فرغ من قراءة كتابي قال: إن لك حقا، وإنك رسول الله فلو