بدر بماله، جاءه أعرابي، وتقرب إليه برحم، فقال: إن هذه الرحم ما سألني بها أحد قبلك، ولي أرض قد أعطاني فيها عثمان (بن عفان) (1) ثلثمائة ألف، فإن شئت الأرض وإن شئت الثمن فقال: الثمن فأعطاه، وكان يكفي ضعفاء بني تميم، ويقضي ديونهم يرسل إلى عائشة كل سنة عشرة آلاف درهم.
وسماه أيضا طلحة الطلحات، وليس هو طلحة الطلحات الذي قيل فيه:
رحم الله أعظما دفنوها * بسجستان طلحة الطلحات لأنه خزاعي مدفون بسجستان، وكان الصديق إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة، وجعل يومئذ نفسه وقاية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وروى الإمام أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح غريب وأبو يعلى وابن حبان، والحاكم والضحاك عن يحيى بن عباد بن الزبير عن أبيه عن جده - رضي الله تعالى عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أوجب طلحة حين صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع ".
وروى أبو بكر الشافعي في " الغيلانيات " " والديلمي " وابن عساكر عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لطلحة: يا طلحة، هذا جبريل يقرؤك السلام، ويقول لك: أنا معك في أهوال القيامة حتى أنجيك منها.
وروى ابن منده وابن عساكر والحاكم والترمذي وقال: غريب وابن ماجة والطبراني في الكبير عن معاوية، وابن عساكر عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لطلحة: " يا طلحة، أنت ممن قضى نحبه، وفي لفظ: " طلحة ممن قضى نحبه ".
روى الترمذي وحسنه عن طلحة أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا لأعرابي جاهل:
سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترؤون على مسألة يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي، فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعلي ثياب خضر، فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أين السائل عمن قضى نحبه؟ قال: أنا يا رسول الله، قال " هذا ممن قضى نحبه " (2).
وروى أبو نعيم في الحلية - عن طلحة بن عبيد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا على المنبر: " ومنهم من قضى نحبه "، فسأله رجل من هم؟ فأقبل على طلحة بن عبد الله، فقال: أيها السائل، هذا منهم " (3).