وروى ابن أبي خيثمة في تاريخه عن مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة، زوجه إياها النجاشي، فقيل لأبي سفيان يومئذ وهو مشرك (يحارب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (1): إن محمدا قد نكح ابنتك، قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه، قال: ودخل أبو سفيان على ابنته أم حبيبة فسمع تمازح النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ما هو إلا أن تركتك فتركتك به العرب، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك وهو يقول: أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة!.
وروي أيضا عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ست.
وروي أيضا عن الزهري، قال: زعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى النجاشي، فزوجه إياها وساق عنه أربعين أوقية (2).
وروي أيضا عنه، عن عروة، عن أم حبيبة أنها كانت عند عبيد الله بن جحش وكان رحل إلى النجاشي فمات، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بأم حبيبة وهي بأرض الحبشة زوجها إياه النجاشي، ومهرها أربعة آلاف درهم، وبعث بها مع شرحبيل ومهرها من عنده، وما بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا.
وروى ابن الجوزي في الصفوة عن سعيد بن العاص قال: قالت أم حبيبة: رأيت في النوم كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهها. ففزعت فقلت: تغيرت والله حاله.
فإذا هو يقول حين أصبح: يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها ثم دخلت في دين محمد، ثم رجعت في النصرانية.
فقلت: والله ما خير لك. وأخبرته بالرؤيا التي رأيتها فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات: فأرى في النوم كأن آتيا يقول: يا أم المؤمنين ففزعت فأولتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتزوجني.
قالت: فما هو إلا أن قد انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن: فإذا جارية له يقال لها أبرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت: إن الملك يقول لك إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلي أن أزوجه فقالت: بشرك الله بخير. قالت:
يقول لك الملك وكلي من يزوجك.
فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين