الحادي والعشرون: في أكله صلى الله عليه وسلم السمن والأقط.
وروى الشيخان والبرقاني وابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم سمن وأقط وأضب، فأكل من السمن والأقط، ولم يأكل من الأضب تقذرا ثم قال: (إن هذا الشئ ما أكلته قط، فمن شاء أن يأكله فليأكله)، قال: وأكل على خوانة (1).
وروى إبراهيم الحربي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل ثور أقط ثم صلى، ولم يتوضأ، وقال الحربي: الثور من الأقط كهيئة اللقمة.
تنبيهات الأول: حديث حذيفة مرفوعا أن جبريل أطعمني الهريسة يشد بها ظهري لقيام الليل رواه الطبراني من طريق محمد بن الحجاج اللخمي وهو الذي اختلقه، وحديث أبي هريرة رواه الدارقطني وقال: حديث منكر باطل، وموسى بن إبراهيم ومن دونهم ضعفاء لا يحتج بهم، وقال الخطيب: موسى بن إبراهيم مجهول، والحديث باطل، وحديث معاذ بن جبل وحديث جابر بن سمرة رواهما.
الثاني: قال الخطابي والقاضي في حديث نعم الأدم الخل معناه مدح الاقتصاد في المأكل، ومنع النفس من ملاذ الأطعمة، تقديره: ائتدموا بالخل، وما في معناه، مما تخف مؤنته، ولا يعز وجوده، ولا تنافسوا في الشهوات فإنها مفسدة للدين مسقمة للبدن، وتعقبه النووي رحمه الله تعالى فقال: الذي ينبغي أن يجزم به أنه مدح للخل نفسه، وأما الاقتصاد في المطعم، وترك الشهوات فمعلوم من قواعد أخر، وقال ابن القيم، هذا ثناء عليه بحسب مقتضى الحال الخاص، لا تفضيل له على غيره، كما ظنه بعضهم.
الثالث: قال أبو سليمان: إنما أورد أبو داود حديث ابن عمر من أجل أن الجبن كان يعلمه قوم من الكفار لا تحل ذكاتهم، وكانوا يعقدونها بالأنافح وكان من المسلمين من شاركهم في صنعة الجبن، فأباحه صلى الله عليه وسلم على ظاهر الحال، ولم يمتنع من أكله من أجل مشاركة الكفار المسلمين فيه، قال: في الأمتاع: في دعوى أبي سليمان رحمه الله تعالى أن من المسلمين من كان يشارك المشركين في عمل الجبن يتوقف على النقل، ولم يكن إذ ذاك بفارس والشام أحد من المسلمين فتأمله، قلت: وهو ظاهر لا شك فيه.
الرابع: الحلوى بالقصر والمد: كل حلو، قال الخطابي رحمه الله تعالى: الحلوى لا يقع إلا على ما دخلته الصنعة، قال ابن سيده هي ما عولج من الطعام، وقد يطلق على الفاكهة،