جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) - ابن الدمشقي - ج ١ - الصفحة ١١٠

بذلك القرطبي في [كتاب] التذكرة قال:
فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها [الله تعالى] عليه أي على النبي صلى الله عليه وسلم.
[هكذا] ذكره [القرطبي] في باب " ما يذكر الموت والآخرة " ووجهه أن الشمس لما عادت كأنها لم تغب [فالصلاة عند عودة الشمس وقعت وأديت في محلها الموقوت لها].
وسمعت شيخ الامام أبا هريرة عبد الرحمان بن يوسف العجلوني ثم الدمشقي نزيل القاهرة يقول:
إن الشيخ الامام الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد حكى في بعض كتبه قولين للعلماء في أن هذه الصلاة كانت قضاءا أم أداءا؟
[قال المؤلف:] قلت: فإن صح هذا كان ذلك تصحيحا من الشيخ تقي الدين للحديث.
الخاتمة أحسن الله عاقبتها في ذكر من ورد أن الشمس ردت له أو حبست له:
روى الإمام أحمد [في مسند أبي هريرة من مسنده ج ٢ ص ٣٢٥] والبخاري [في الباب (٨) من كتاب فرض الخمس: ج ٦ بشرح فتح الباري ص ٢٢٠] ومسلم والحاكم (٤٩) - أدخلت حديث بعضهم في بعض - عن أبي هريرة " رض " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تحبس الشمس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس، فقال لقومه: " لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها - ولما يبن بها - ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها.
فغزا [ذلك النبي] فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علينا.
فحبست [الشمس] حتى فتح الله عليه: فجمع الغنائم فجاءت النار لتأكلها فلم تطعمها، فقال:
إن فيكم غولا قالوا: وكيف لنا أن نعلم من عنده الغلول، ونحن اثنا عشر سبطا؟ قال: يبايعني رأس كل سبط منكم. فبايعه رأس كل سبط فلزقت كفه بكف رجل منهم فقال له: عندك الغول.
قال: وكيف لي أن أعلم؟ قال: تدعو سبطك فتبايعهم رجلا رجلا ففعل فلزقت كفه بكف رجل منهم فقال: عندك الغلول قال: نعم عندي الغلول. قال: وما هو؟ قال: رأس ثور أعجبني فغللته. فجاء برأس مثل رأس البقرة من الذهب فوضعوها فجاءت النار وأكلتها ثم أحل [الله] لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا.
[قال المؤلف] قوله: " بضع امرأة " بضم الموحدة وسكون المعجمة يطلق على الفرج و [على] التزويج وعلى الجماع. والمعاني الثلاثة لائقة هنا.
قوله: " ولما يبن بها " أي ولم يدخل عليها، لكن التعبير ب‍ " لما " يشعر بتوقع ذلك.
قوله: " خلفات " - بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام بعدها فاء خفيفة - جمع خلفة: وهي الحامل من النوق. قوله: " وهو ينتظر ولادها " بكسر الواو.
وروى الطبراني بسند - حسنه الحفاظ: أبو الحسن الهيثمي وأبو الفضل ابن حجر، وأبو زرعة ابن العراقي - عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الشمس أن تتأخر ساعة من النهار، فتأخرت ساعة من النهار.
وروى البيهقي عن إسماعيل السدى ويونس بن بكير أن قريشا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم - لما حدثهم بالاسراء - : أخبرنا عن عيرنا - فذكر الحديث إلى أن [قال:] - قالوا: فمتى يجئ؟ قال: يوم الأربعاء.
فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون [العير] وقد ولى النهار ولم يجئ فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس حتى دخلت العير. فذكر الحديث.
وقد تقدم قبل الخاتمة الجواب، عن حديث أبي هريرة: " لم تحبس الشمس لاحد إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس " فليراجع.
وروى [كل من] الطحاوي والطبراني عن ابن عباس قال: قال لي علي [عليه السلام]: ما بلغك عن قول الله عز وجل - حكاية عن سليمان عليه السلام -: (ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق) [٣٣ / ص: ٣٨]؟ فقلت: قال لي كعب [الأحبار]: كانت أربعة عشر فرسا عرضها ؟ فغابت الشمس قبل أن يصلي العصر، فأمر بردها فضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها. (٥٠) فقال علي: رضي الله عنه: كذب كعب، وإنما أراد سليمان جهاد عدوه فتشاغل بعرض الخيل حتى غابت الشمس، فقال للملائكة الموكلين بالشمس: بإذن الله لهم: (ردوها علي) فردوها عليه حتى صلى العصر في وقتها، وإن أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون الناس بالظلم (٥١).
قال الحافظ ابن حجر - في [شرح الحديث: " ٣١٢٤ " في الباب: (٨) من كتاب فرض الخمس من ] فتح الباري: ج ٦ ص 222] -: أورد هذا الأثر جماعة ساكتين عليه جازمين بقولهم: " قال ابن عباس: قلت لعلي [...] " [ثم قال ابن حجر:] وهذا لا يثبت عن ابن عباس؟ ولا عن غيره، والثابت عن جمهور أهل العلم بالتفسير من الصحابة ومن بعدهم (52) أن الضمير المؤنث في قوله: (ردوها) للخيل.
وروى الخطيب في [كتاب] ذم النجوم (53) من طريق أبي حديفة إسحاق بن بشر - وهو متروك - عن علي [ عليه السلام] قال: سأل قوم يوشع أن يطلعهم على بدء الخلق وآجالهم، فأراهم ذلك في ماء من غمامة أمطرها الله عليهم فكان أحدهم يعلم متى يموت، فبقوا على ذلك إلى أن قاتلهم داود عليه
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 110 110 110 110 110 110 110 110 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة التحقيق 5
2 مقدمة المؤلف 11
3 الباب الأول: في ذكر نسبه الشريف 25
4 الباب الثاني: في ذكر أسمائه الشريفة 29
5 الباب الثالث: في صفته عليه السلام ومولده وعمره 35
6 الباب الرابع: في أنه عليه السلام كان أول من أسلم 37
7 الباب الخامس: في تربية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا حال طفولته 39
8 الباب السادس: في كفالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له وإسلامه 41
9 الباب السابع: في هجرته عليه السلام إلى المدينة 47
10 الباب الثامن: في أنه عليه السلام أول من يجثو للخصومة يوم القيامة 49
11 الباب التاسع: في أنه عليه السلام أول من يقرع باب الجنة، وفي ذكر خصائصه عليه السلام وما حباه الله تعالى به 51
12 الباب العاشر: في اختصاصه عليه السلام بأنه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى 57
13 الباب العاشر: في اختصاصه عليه السلام بإخاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم 69
14 الباب الحادي عشر: أن ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلبه 73
15 الباب الثاني عشر: في أنه ذائد الكفار والمنافقين عن حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي ذكر جملة أخرى من خصائصه عليه السلام منها إنه مولى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولاه 75
16 الباب الثالث عشر: في أنه عليه السلام مولى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولاه 83
17 الباب الثالث عشر: أنه عليه السلام ولي كل مؤمن بعده، وأنه منه 87
18 الباب الرابع عشر: في حقه عليه السلام على المسلمين، واختصاصه بأن جبريل منه، واختصاصه بتسليم الملائكة عليه، واختصاصه بتأييد الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم به 91
19 الباب الخامس عشر: في اختصاصه عليه السلام بالتبليغ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم 95
20 الباب السادس عشر: في اختصاصه عليه السلام بإقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياه مقام نفسه في نحر بدنه، وإشراكه إياه في هديه والقيام على بدنه 99
21 الباب السابع عشر: اختصاصه عليه السلام بمغفرة من الله يوم عرفة، وأنه لا يجوز أحد على السراط إلا من كتب له علي الجواز 101
22 الباب الثامن عشر: في أنه سيد العرب وحث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار على حبه عليه السلام 105
23 الباب التاسع عشر: في اختصاصه بالوصاية بالإرث 107
24 الباب العشرون: في اختصاصه عليه السلام برد الشمس عليه 109
25 كتاب كشف اللبس في حديث رد الشمس للحافظ جلال الدين السيوطي 111
26 رسالة مزيل اللبس عن حديث رد الشمس تأليف العلامة أبي عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي 121
27 الباب الحادي والعشرون: في اختصاصه بتزويج فاطمة رضي الله عنها 147
28 الباب الثاني والعشرون: في أنه وزوجته وبنيه من أهل البيت عليهم السلام 171
29 الباب الثالث والعشرون: في أنه صلى الله عليه وآله وسلم حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم 173
30 الباب الرابع والعشرون: في اختصاصه بإدخال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياه معه في ثوبه يوم مات 175
31 الباب الخامس والعشرون: في إعطائه الراية يوم خيبر 177
32 الباب السادس والعشرون: في اختصاصه بحمل لواء الحمد يوم القيامة وفي لبسه ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف، وفي وقوفه بين سيدنا إبراهيم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ظل العرش، وأنه يكسى إذا كسي النبي صلى الله عليه وآله وسلم 181
33 الباب السابع والعشرون: في سد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه 185
34 الباب الثامن والعشرون: في تنويه الملائكة باسمه يوم بدر 189
35 الباب التاسع والعشرون: في اختصاصه بالقتال على تأويل القرآن، وفي اختصاصه بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه 191
36 الباب الثلاثون: في أنه حجة الله على أمته، وأنه باب مدينة العلم، وأنه أكثر الأمة علما 193
37 الباب الحادي والثلاثون: في إحالة جميع الصحابة عما يسألون عنه من العلوم عليه 197
38 الباب الثاني والثلاثون: في أنه عليه السلام أقضى الأمة، وفي أنه دعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين ولاه اليمن، وفي أنه لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني سواه 203
39 الباب الثالث والثلاثون: فيما خص به من الاختصاص بما لم يخص به أحد من الصحابة ولا غيرهم سواه، ووقايته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، ولبسه ثوبه، ونومه مكانه 209
40 الباب الرابع والثلاثون: في وقايته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه ولبسه ثوبه، ونومه مكانه 215
41 الباب الخامس والثلاثون: فيما نزل في شأنه عليه السلام من الآيات 219
42 الباب السادس والثلاثون: في بيان أفضليته عليه السلام 223
43 الباب السابع والثلاثون: في شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالجنة 227
44 الباب الثامن والثلاثون: في أنه ذائد المنافقين هن حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر ما فيه يوم القيامة، وذكر نبذ من فضائله ومنزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 233
45 الباب التاسع والثلاثون: في منزلته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة الله ورسوله له، وشفقته عليه، ورعايته، ودعائه له وطروقته إياه ليلا يأمره بالصلاة، وكسوته الثوب الحرير 239
46 الباب الأربعون: في الحث على محبته، والزجر عن بغضه 247
47 الباب الحادي والأربعون: في شوق أهل السماء والأنبياء الذين هم في السماء إليه، وفي ذكر مباهاة الله سبحانه وحملة عرشه به، وفي ما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنه مغفور له، وفي علمه وفقهه صلوات الله وسلامه عليه 257
48 الباب الثاني والأربعون: في كراماته، وشجاعته، وشدته في دين الله، ورسوخ قدمه في الايمان، وتعبده، وأذكاره وأدعيته عليه السلام 263
49 الباب الثالث والأربعون: في كرمه عليه السلام وما كان فيه من ضيق العيش 271
50 الباب الرابع والأربعون: فيما كان فيه عليه السلام من ضيق العيش وخشونته وورعه وحيائه وتواضعه 279
51 الباب الرابع والأربعون: في شفقته على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما جمع الله فيه من الصفات الجميلة في الجاهلية والاسلام، وإسلام قبيلة همدان على يده، وتخفيف الله عن الأمة بسببه 287
52 الباب الخامس والأربعون: في خلافته عليه السلام، وذكر ما جاء في صحتها، والتنبيه على ما ورد في ذلك من الأحاديث والاخبار والآثار 289
53 الباب السادس والأربعون: في بيعته عليه السلام ومن تخلف عنها 293
54 الباب السابع والأربعون: في ذكر حاجبه عليه السلام، ونقش خاتمه، وابتداء شخوصه من المدينة، وما رواه أبو بكر وعمر في حفه، وما قالا وصرحا به من فضله وخصائصه 295
55 الباب الثامن والأربعون: في ذكر شئ من خطبه، وذكر شئ من كلامه عليه السلام 299
56 الباب التاسع والأربعون: في ذكر شئ من مواعظه عليه السلام 301
57 الباب التاسع والأربعون: في خطبه عليه السلام ومواعظه الجامعة 305
58 الباب الخمسون: في كتبه عليه السلام إلى معاوية وإلى عماله وغيرهم، وفي أجوبة معاوية له، وفيما أوصى عليه السلام به من وصاياه النافعة والكلمات الجامعة 357