جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) - ابن الدمشقي - ج ١ - الصفحة ١١٠
ورد الشمس بعد ما غربت واستهل الظلام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خير الأنام، صلى الله وسلم عليه وعلي آله وأصحابه السادة الكرام.
أما بعد فهذا جزء في بيان حال حديث رد الشمس بعد غروبها للنبي صلى الله عليه وسلم يشتمل علي مقدمة وفصلين وخاتمة، وسميته ب " مزيل اللبس " عن حديث رد الشمس.
فالمقدمة فيما قاله الحفاظ في حكم هذا الحديث، والفصل الأول في طريقه والكلام على رجال كل طريق، و [الفصل] الثاني في رد العلل التي أعل بها، والخاتمة في من ورد أن الشمس حبست له أو ردت عليه، والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه العظيم، وأن يجعل جزائي النظر إليه في دار النعيم، إنه هو الجوادالكريم.
المقدمة:
اعلم أن هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه مشكل الآثار (١٩) عن أسماء بنت عميس من طريقين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.
ونقله عنه القاضي عياض في [كتاب] الشفاء (٢٠) و [رواه أيضا] الحافظ ابن سيد الناس في [كتاب ] بشرى اللبيب (٢١) وقال في قصيدة ذكرها فيه:
وردت عليه الشمس بعد غروبها وهذا من الاتقان أعظم موقعا وقبله [هكذا]:
له وقفت شمس النهار كرامة كما وقفت شمس النهار ليوشعا و [رواه] أيضا الحافظ علاء الدين مغلطاي في كتابيه الزهر الباسم والإشارة (٢٢).
و [رواه أيضا] البرزي في التوثيق (٢٣).
و [رواه أيضا] النووي في شرح مسلم في باب حل الغنائم لهذه الأمة (٢٤).
ونقله عنه شيخ الاسلام الحافظ أبو العضل ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي في باب الاذان، كما في النسخ الصحيحة وأقروه.
وصححه الحافظ أبو زرعة ابن العراقي في تكملته بشرح تقريب والده.
و [رواه] شيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في الدرر المنثورة في الأحاديث المشهورة (25).
وقال الحافظ أحمد بن صالح - وناهيك به -: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء لأنه من أجل علامات النبوة.
ورواه الطحاوي. وروى شاذان الفضلي عنه أنه قال: هذه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فلا تستكثر؟
وقد أنكر الحافظ على ابن الجوزي إيراده الحديث في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر: في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " أحلت لكم الغنائم " من [الكتاب] فتح الباري - بعد أن أورد الحديث - أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات انتهى.
ومن خطه نقلت [قال:] وقال الحافظ مغلطاي: في الزهر الباسم - بعد أن أورد الحديث من عند جماعة -: لا يلتفت لما أعله به ابن الجوزي من حيث إنه لم يقع له الاسناد الذي وقع لهؤلاء.
وقال شيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في مختصر الموضوعات: أفرط [ابن الجوزي] بإيراده له هنا (26) تنبيه:
الذي ورد في الأحاديث أن قصة رد الشمس كانت بخيبر كما يأتي بيان ذلك، و [لكن] قال القاضي عياض في [كتاب] الاكمال: إن الشمس ردت للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق لما شغلوا عن صلاةالعصر حتى غربت الشمس فدعا الله أن يرد الشمس فردها حتى صلى العصر.
و [أيضا] عزاه [القاضي عياض] لمشكل الآثار للطحاوي، ونقله [أيضا] عن القاضي النووي في شرح مسلم في باب حل الغنائم.
ونقله عنه الحافظ ابن حجر في باب الاذان من كتاب تخريج أحاديث الرافعي ومغلطاي في الزهر الباسم والإشارة وأقروه؟
وفي ذلك نظر من وجهين: أحدهما أن الثابت في الصحيح وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر في واقعة الخندق بعد ما غربت الشمس.
الثاني أن الذي ذكره الطحاوي في مشكل الآثار إنما هو حديث أسماء في قصة خيبر [لا الخندق] وقد ذكره القاضي في [كتاب] الشفاء على الصواب.
ثم رأيت الحافظ ابن حجر تنبه لذلك في [كتاب] فتح الباري في الباب المتقدم بعد أن أورد الحديث وقصة خيبر، ثم ذكر ما نقله القاضي في الاكمال عن رواية الطحاوي [إياه في واقعة الخندق، فقال : الذي رأيته في مشكل الآثار للطحاوي هو] ما تقدم ذكره انتهى.
وقد راجعت [كتاب] مشكل الآثار وترتيبه لابن رشد فلم أر فيهما ما ذكرته القاضي في الاكمال، والله سبحانه أعلم بالصواب.
الفصل الأول في طرق الحديث وبيان حال رجاله:
اعلم أن هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت عميس، وعلي بن أبي طالب وابنه الحسين، وأبي سعيد وأبي هريرة، رضي الله تعالى عنهم (27).
[أما] حديث أسماء - وإنما بدأت به لأنه المشهور -:
[فقد] قال الامام الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمدالطبراني [في مسند أسماء بنت عميس] في معجم الكبير [: ج 24 ص 144، ط 1 قال:] حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي.
حيلولة: وقال الإمام أبو الحسن شاذان الفضلي: حدثنا [أبو العباس (28) أحمد بن يحيى الخزاري بالموصل؟ قالا: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن [بن الحسن] عن فاطمة بنت علي (29):
عن أسماء بنت عميس قالت: كان سول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يكاد [أن] يغشى عليه، فأنزل عليه [الوحي] يوما وهو في حجر علي [وهو لم يصل العصر بعد]