الباب التاسع والأربعون في ذكر شئ من مواعظه [عليه السلام] قال الحسن بن علي: شيع علي جنازة فلما وضعت في لحدها ضج أهلها بالبكاء فقال [علي عليه السلام]: مم يبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم!! وأن له فيهم لعودة (1) ثم عودة حتى لا يبقي منهم أحد، ثم قال [عليه السلام]:
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال ووقت لكم الآجال وجعل لكم أسماعا تعي ما عناها وأبصارا تجلى عن عشاها وأفئدة تفهم ما دهاها (2) إن الله لم يخلقكم عبثا ولم يضرب عنكم الذكر صفحا بل أمدكم بالنعم السوابغ ورزقكم بأرفد الروافد وأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء فاتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب وبادروا العمل [قبل قدوم] هادم اللذات [ومفرق الجماعات] فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا يؤمن فجائعها غرور حائل وسناد زائل فاتقوا الله عباد الله فاعتبروا بالآيات والنذر واتعظوا بالمواعظ وكأن قد علقتكم محالب المنية وضمتكم بيت التراب ودهمتكم معضلات الأمور بنفخة الصور وبعثرة القبور وسياقة المحشر وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبار وكل نفس معها سائق وشهيد [سائق يسوقها إلى محشرها وشهيد] يشهد عليها بعلمها (3)