فمن قال: (استوى بذاته)، فقد أجراه مجرى الحسيات، وذلك عين التشبيه.
فاصرفوا بالعقول الصحيحة عنه سبحانه ما لا يليق به من تشبيه أو تجسيم.
وأمروا الأحاديث كما جاءت من غير زيادة ولا نقص.
فلو أنكم قلتم: نقرأ الأحاديث ونسكت، لما أنكر عليكم أحد.
ولا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي - أعني الإمام أحمد - ما ليس منه، فلقد كسوتم هذا المذهب شينا قبيحا، حتى لا يقال عن حنبلي إلا مجسم.
ثم زينتم مذهبكم بالعصبية ل (يزيد بن معاوية)، وقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته.
وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم: لقد شان المذهب شينا قبيحا لا يغسل إلى يوم القيامة (١).
فالحاصل من كلام ابن حامد والقاضي وابن الزاغوني - من التشبيه والصفات التي لا تليق بجناب الحق - سبحانه وتعالى - هي نزعة سامرية في التجسيم، ونزعة يهودية في التشبيه، وكذا نزعة نصرانية.
فإنه لما قيل عن عيسى عليه السلام: إنه روح الله سبحانه وتعالى، اعتقدت النصارى أن لله صفة هي الروح ولجت في مريم عليها السلام.
وهؤلاء وقع لهم الغلط من سوء فهمهم، وما ذاك إلا أنهم سموا الأخبار أخبار صفات، وإنما هي إضافات، وليس كل مضاف صفة.
فإنه - سبحانه وتعالى - قال: ﴿ونفخت فيه من روحي﴾ (2)، وليس لله صفة تسمى روحا، فقد ابتدع من سمى المضاف صفة، ونادى على نفسه بالجهل وسوء الفهم.