ردائه وكأنه طي القراطيس وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد يخطف بصرى فخررت ساجدة فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج فقلت لجاريتي نبعة ويحك اتبعيه فانظري ماذا يقول وماذا يقال له فلما رجعت نبعة أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من قريش في الحطيم فيهم المطعم بن عدي بن نوفل وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة فقال إني صليت الليلة العشاء في هذا المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فصليت بهم وكلمتهم فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ صفهم لي فقال أما عيسى ففوق الربعة ودون الطويل عريض الصدر ظاهر الدم جعد الشعر يعلوه صهبة كأنه عروة بن مسعود الثقفي، وأما موسى عليه السلام فضخم آدم طويل كأنه من رجال شنوءة كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفتين خارج اللثة عابس، وأما إبراهيم عليه السلام فوالله لاشبه الناس بي خلقا وخلقا فضجوا وأعظموا ذلك فقال المطعم بن عدي بن نوفل كل أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم أشهد أنك كاذب نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا تزعم أنك أتيته في ليلة واللات والعزى لا أصدقك وما كان هذا الذي تقول قط. وكان للمطعم بن عدي حوض على زمزم أعطاه إياه عبد المطلب فهدمه فأقسم باللات والعزى لا يسقى منه قطرة أبدا فقال أبو بكر رضي الله عنه يا مطعم بئس ما قلت لابن أخيك جبهته (1) وكذبته أنا اشهد أنه صادق فقال يا محمد صف لنا بيت المقدس قال دخلته ليلا وخرجت منه ليلا فاتاه جبريل عليه السلام فصوره في جناحه فجعل يقول باب منه كذا في موضع كذا وأبو بكر رضي الله عنه يقول صدقت صدقت قالت نبعة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ يا أبا بكر
(١٨٨)