سلفهم ما يقتضى انفرادا بروايات وأخبار لا تدخل تحت الحصر وكثيرا ما يطعن في الراوي برواية وقعت له من أنكر تلك الرواية عليه واستغربها منه ثم يظهر له أو لغيره بمتابعة متابع أو سبب من الأسباب براءته من مقتضى الطعن فيتخلص بذلك من العهدة. وقد روينا عن الإمام أحمد رحمه الله ورضى عنه أنه قال ما زلنا ندافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم " أفعمياوان أنتما " فجاء بشئ لا حيلة فيه والحديث حديث يونس لم يروه غيره. وروينا عن أحمد بن منصور الرمادي قال قدم علي بن المديني بغداد سنة سبع ومائتين والواقدي يومئذ قاض علينا وكنت أطوف مع علي على الشيوخ الذين يسمع منهم فقلت أتريد أن تسمع من الواقدي ثم قلت له بعد ذلك لقد أردت ان اسمع منه فكتب إلى أحمد بن حنبل كيف تستحل الرواية عن رجل روى عن معمر حديث نبهان مكاتب أم سلمة وهذا حديث يونس تفرد به قال أحمد بن منصور الرمادي فقدمت مصر بعد ذلك فكان ابن أبي مريم يحدثنا به عن نافع بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن نبهان، قود رواه أيضا يعقوب ابن سفيان عن سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد كرواية الرمادي قال الرمادي فلما فرغ ابن أبي مريم من هذا الحديث ضحكت فقال مم تضحك؟ فأخبرته بما قال على وكتب إليه أحمد فقال لي ابن أبى مريم إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزهري وكان الرمادي يقول هذا مما ظلم فيه الواقدي: فقد ظهر في هذا الخبر أن يونس لم ينفرد به وإذ قد تابعه عقيل فلا مانع من أن يتابعه معمر وحتى لو لم يتابعه عقيل لكان ذلك محتملا وقد يكون فيما رمى به من تقليب الاخبار ما ينحو هذا النحو. قد أثبتنا من كلام الناس في الواقدي ما يعرف به حاله والله الموفق. وربما حصل إعلام في بعض الأحيان بغريبة توجد في الخبر وتنبيه على مشكل يقع فيه متنا أو اسنادا على وجه الايماء والإشارة لا على سبيل التقصي وبسط العبارة.
(٣٠)