في الكعبة وتمادوا على العمل بما فيها من ذلك ثلاث سنين فاشتد البلاء على بني هاشم في شعبهم وعلى كل من معهم فلما كان رأس ثلاث سنين تلاوم قوم من قصي ممن ولدتهم بنو هاشم ومن سواهم فأجمعوا امرهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر والبراءة وبعث الله على صحيفتهم الأرضة فأكلت ولحست ما في الصحيفة من ميثاق وعهد وكان أبو طالب في طول مدتهم في الشعب يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتي فراشه كل ليلة حتى يراه من أراد به شرا أو غائلة فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو اخوته أو بنى عمه فاضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يأتي بعض فرشهم فيرقد عليها فلم يزالوا في الشعب على ذلك إلى تمام ثلاث سنين ولم تترك الأرضة في الصحيفة اسما لله عز وجل الا لحسته وبقى ما كان فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم فأطلع الله رسوله على ذلك فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب فقال أبو طالب لا والثواقب ما كذبتني فانطلق في عصابة من بنى عبد المطلب حتى اتوا المسجد وهم خائفون لقريش فلما رأتهم قريش في جماعة أنكروا ذلك وظنوا انهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم برمته إلى قريش فتكلم أبو طالب فقال قد جرت أمور بيننا وبينكم نذكرها لكم فائتوا بصحيفتكم التي فيها مواثيقكم فلعله ان يكون بيننا وبينكم صلح وانما قال ذلك أبو طالب خشية ان ينظروا في الصحيفة قبل ان يأتوا بها فأتوا بصحيفتهم معجبين لا يشكون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع إليهم فوضعوها بينهم وقالوا لأبي طالب قد آن لكم ان ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلى أنفسكم فقال أبو طالب انما اتيتكم في أمر هو نصف بيننا وبينكم ان ابن اخى اخبرني ولم يكذبني ان هذه الصحيفة التي في أيديكم قد بعث الله عليها دابة فلم تترك فيها اسما له الا لحسته وتركت فيها غدركم وتظاهركم علينا بالظلم فإن كان الحديث كما بقول فأفيقوا فلا والله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا
(١٦٦)