فيكون من مجاز الحذف وهو علم ظاهر من أعلام النبوة على كلا التقديرين. وفى حديث عبيد بن عمير في خبر نزول جبريل عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءني وانا نائم فهذه حالة. وحديث عائشة وغيرها انه كان في اليقظة فهذه حالة ثانية ولا تعارض لجواز الجمع بينهما بوقوعهما معا ويكون الاتيان في النوم توطئة للاتيان في اليقظة. وقد قالت عائشة: أول ما بدئ به عليه السلام من الوحي الرؤيا الصادقة. وعن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل به إسرافيل فكان يتراءى له ثلاث سنين ويأتيه بالكلمة من الوحي ثم وكل به جبريل فجاءه بالقرآن والوحي فهذه حالة ثالثة لمجئ الوحي. ورابعة وهى أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال عليه السلام إن روح القدس نفث في روعي ان نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
وخامسة وهى أن يأتيه الوحي في مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليه وقيل إن ذلك يستجمع قلبه عندءلك الصلصلة فيكون أوعى لما يسمع. وسادسة وهى أن يكلمه الله من وراء حجاب إما في اليقظة كما في ليلة الاسراء وإما في النوم كما في حديث معاذ أتاني ربى في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملا الاعلى وكان الملك يأتيه عليه السلام تارة في صورته له ستمائة جناح كما روى وتارة في صورة دحية الكلبي. فهذه حالات متعددة ذكر معناه السهيلي. وقوله فغطني ويروى فسأبني ويروى سأتثنى ويروى فزعتني وكلها واحد وهو الخنق والغم. والناموس صاحب سر الملك. وقال بعضهم الناموس صاحب سر الخير والجاسوس صاحب سر الشر.
ومؤزرا من الأزر وهو القوة والعون. واليأفوخ مهموز ولا يقال في رأس الطفل يأفوخ حتى يشتد وإنما يقال له الغاذية. وفترة الوحي لم يذكر لها ابن إسحاق مدة معينة قال أبو القاسم السهيلي وقد جاء في بعض الأحاديث المسندة أنها كانت سنتين ونصف سنة والله أعلم.