قال والله ما هو بمجنون ولقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بحنقه ولا تخالجه ولا وسوسته قالوا فنقول شاعر قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالوا فنقول ساحر قال ما هو بساحر قد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده قالوا فما تقول يا أبا عبد شمس قال والله ان لقوله لحلاوة وان أصله لعذق وان فرعه لجناة وما أنتم بقائلين من هذا شيئا الا اعرف انه باطل وان أقرب القول فيه لان تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون لسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا له أمره وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها. قوله لعذق بفتح العين المهملة وسكون الذال استعارة من النخلة التي ثبت أصلها وهو العذق. ورواية ابن هشام لغدق بغين معجمة وكسر الدال المهملة من الغدق وهو الماء الكثير. قال السهيلي ورواية ابن إسحاق أفصح لأنها استعارة تامة يشبه آخر الكلام لأوله.
* * *