الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٣٩
متجلببا ثوبا من الدم قانيا * يعلوه من نقع الملاحم برقع (1) زهد المسبح وفتكة الدهر الذي * أودى بها كسرى وفوز تبع؟ (2) هذا ضمير العالم الموجود عن * عدم وسر وجوده المستودع (3) هذي الأمانة لا يقوم بحملها * خلقاء هابطة وأطلس أرفع (4) تأبى الجبال الشم عن تقليدها * وتضج تيهاء وتشفق برقع هذا هو النور الذي عذباته * كانت بجبهة آدم تتطلع (5)

1 تجلبب إذا لبس الجلباب وهو الملحفة جعل عليه السلام لكثرة تلطخه بدماء القتلى كأنه قد لبس ثوبا أحمر وجعل الغبار على وجهه الشريف كالبرقع والملاحم الوقائع.
2 المسيح عيسى بن مريم عليه السلام جعله زهد المسيح وفنك الدهر لأن الدهر لما كان ظرفا لما يقع فيه نسب الفعل إليه مجازا، وأودى هلك به وكذا فوز كسرى وتبع قد ذكر، والمعنى أنه أزهد الناس وأخضعهم وأخشعهم لله ومن عادة الزاهد رقة القلب وهو مع ذلك يختطف الأرواح ويسفك الدماء ومن عادة الشجاع الفاتك قساوة القلب وخشونة الجانب وهو قد جمع بين هذين الضدين.
3 ضمير العالم وسره بمعنى واحد والعالم كل موجود سوى الله وآل محمد سر العالم المستودع عند أولي العلم إذا لولاهم لما أوجد الله العالم فسر الوجود هو ما علمه الله تعالى من المصالح في إيجاد هذا العالم بسبب محمد وآل محمد حيث كانوا ألطافا لا يصح التكليف إلا بهم ولا يقوم غيرهم مقامهم.
4 الخلقاء الصخرة الملساء والأطلس الفلك التاسع والتيهاء الفلاة يتاه فيها وبرقع اسم من أسماء السماء ويريد بذلك قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة ويريد بالأمانة علي ومحبته وإطاعته لأنه التكليف على العباد.
5 عذباته أطرافه، لأن عذبة اللسان والصوت طرفاهما ويريد بالنور نور النبوة المنتقل من آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وأنه ابن عمه وقسيمه في الشرف وهذا النور قد تقدم ذكره.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست