الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٥٠
هو ملبسي حلل الضنا ومعلمي * من زلتي ما كنت منها أجهل لولاه لم أرد الحياة ولم أقل * طلب الثراء من القناعة أجمل (1) من أجله أخشى الممات واتقي * ولأجله أرجو الغنى وأؤمل استعذب التعذيب فيه كأنما * جرع الحميم هي البرود السلسل (2) لا فرج الرحمن كربة عاشق * طلب السلو وخاب فيما يسأل لا تنكروا فيض الدموع فإنها * نفسي يصعدها الغرام المشعل (3) هي مهجتي طورا تحلل بالبكا * أسفا وطورا بالزفير تحلل يا كرخ جاد عليك مدرار الحيا * وسقى ثراك من الرواعد مسبل (4) إن كان جسمي عنك أصبح راحلا * كرها فقلبي قاطن لا يرحل (5)

1 الثراء كثرة المال رجل ثروان وامرأة ثروى وتصغيرها ثري وثريا.
2 الحميم الماء الحار والحميم الصديق القريب والبرود الكثير البرودة والسلسل العذب الصافي وحاصل المعنى إن كان ما يصدر عن المحبوب فهو مستحسن مستطاب.
3 يصعدها أي يرفعها وتحلل أصله تتحلل فحذف إحدى التائين تخفيفا يقول إن حرارة الغرام تذيب نفسه فيتحلل فيخرج تارة بالدمع وتارة بالنفس وهذا أحسن من قول الآخر:
وليس الذي يجري من العين ماؤها * ولكنها نفس تذوب وتقطر 4 التفت إلى مخاطبة الكرخ وهو المحلة المعروفة بغربي بغداد متذكرا عهدها بأن يجودها الحياء وهو الغيث المدرار السائل والحياء مقصورا المطر. والرواعد جمع رعد وهو السحاب الذي فيه رعد. والمسبل اسم فاعل أسبل السحاب إذا سكب.
5 القاطن المقيم وقد جعل الكرخ هو الهوى الأول والمدائن وهي أصله القديم وقد جعلها الثاني وذلك لأنه نشأ بالكرخ.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست