الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٤٢
ولقد جهلت وكنت أحذق عالم * أغرار عزمك أم حسامك أقطع (1) وفقدت معرفتي فلست بعارف * هل فضل علمك أم جنابك أو سع (2) لي فيك معتقد سأكشف سره * فليصغ أرباب النهى وليسمعوا هي نفثة المصدور يطفئ بردها * حر الصبابة فاعذلوني أودعوا (3) والله لولا حيدر ما كانت * الدنيا ولا جمع البرية مجمع (4) من أجله خلق الزمان وضوئت * شهب كنسن وجن ليل أدرع (5) علم الغيوب إليه غير مدافع * والصبح أبيض مسفر لا يدفع (6)

1 الغرار الحد واستعار لعزم الأمير لكونه ماضيا قاطعا في الأمور ولما رأى أن عزمه وسيفه يتجاذبان حدة ومضاء حصل له الجهل بالأقطع منهما.
2 الجناب الفناء وما قرب من محلة القوم وجمعه أجنبة وهو كناية عن الكرم لأن سعة المنزل تدل على كثرة الوافدين فعل تكون مقابلة الفضل بالكرم.
3 المصدور الذي بصدره مرض. والنفثة ما ينفثه من ذلك المرض وفي المثل لا بد للمصدور أن ينفثه شبه كشف سره باعتقاده بنفثة المصدور لأنه يستريح بكشفه كما يستريح المصدور بنفثه ولهذا قال يطفي بردها حر الصبابة، وقوله فاعذلوني أو دعوا معناه: إن العذل لا يؤثر فيه فوجوده وعدمه سيان.
4 حيدر من أسمائه عليه السلام والحيدرة الأسد والمعنى واضح.
5 كنسن أي استترن في مغيبها وجن الليل يجن جنونا أظلم وستر. والأدرع الذي اسود أو له وابيض باقيه والشاة الدرعاء التي اسود رأسها وابيض باقيها.
6 علم الغيوب مبتدأ وإليه الخبر وغير مدافع نصب على الحال ويجوز أن يكون غير خبرا بعد خبر أما إخباره عليه السلام بالمغيبات بواسطة التعليم فكما قال المادح كالصبح لا يدفع نوره بل يخرق الحجب حتى أن رجلا من أصحابه قال له وهو يخبر بشئ من ذلك لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب وهو أكثر من أن يحصى كما لا يخفى على أولي التتبع والنهى.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست