لقيام هذا الاحتمال [الثالث] قوله تعالى حاكيا عن الشيطان (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم) الآية وقال تعالى (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا) الآيتان. وقال (إلا عبادك منهم المخلصين) فاعترف بأنه لا سبيل له عليهم [الرابع] أن يكون ذلك الكلام كلام الشيطان وذلك بأن يلفظ بكلام من تلقاء نفسه في درج تلك التلاوة في بعض وقفاته ليظن أنه من جنس الكلام المسموع منه عليه السلام وهو غير ممتنع لأنه لا خلاف أن الجن والشياطين متكلمون فلا يمتنع أن يسمع الشيطان من غير أن يرى صورته فإذا سمع كلامه في أثناء كلام آخر لم يبعد أن يظن السامعون كون ذينك الكلامين من ذلك الشخص المبصر ثم هذا لا يكون قادحا في النبوة لما لم يكن فعلا للنبي * ولقائل أن يقول: إذا جوز تم أن يتكلم الشيطان في أثناء كلام الرسول عليه الصلاة والسلام بما يشتبه على كل السامعين حتى يظنوه كلاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقي هذا الاحتمال في كل ما يتكلم به الرسول عليه الصلاة والسلام فتفضي إلى ارتفاع الوثوق عن كل الشرع * (الجواب) * أن ذلك الاحتمال قائم، ولكنه لو وقع لوجب في حكمة الله تعالى أن يشرح الحال فيه كما في هذه الواقعة إزالة للتلبيس * * (الخامس) * أن المتكلم بذلك بعض الكفرة، فإنه عليه الصلاة والسلام لما انتهى من قراءة هذه السورة إلى هذا الموضع وذكر أسماء آلهتهم وقد علموا من عادته أنه يعيبها، فقال بعض من حضر من الكفار:
(٩٨)