أمره - لا مناص من الجزم به، وقع به رواة وقنوات النقل بين حلقات الزمن الغابر من جهة، وبين الصفحات التي تسطرها أيدي أولئك الكتاب الخاضعين للموثرين السابقين من جهة أخرى، فكان ما نراه من مؤلفات وأسفار عجزت من أن تكون صادقة النقل، وأمينة السرد، ودقيقة الاستشراف.
نعم، فان من يتأمل في حقيقة مناهج الرواد الأوائل، والحقبة الزمنية التي عاصروها والمتمخضة عن المتبنيات الفكرية التي نادت بها السلطة الحاكمة، والتي وافقت أو أقسرت أولئك الرواد على تتبع خطواتها، وتجنب حدودها، كل ذلك يظهر بجلاء صواب وحقيقة ما ذهبنا إليه من تركيز المنهج الخاطئ في صياغة الحلقات الأساسية التي ارتكز عليها البناء المعروف للتأريخ الاسلامي بروافده المتكاثرة المتفرعة عنه.
فإذا عرفنا بان المدينة المنورة كانت هي الموطن الأساس الذي اختص بالتأليف في المغازي قبل القرن الثاني للهجرة، فان جيلا من المؤلفين والمصنفين المشخصين قد تصدوا لوضع الحجر الأساس في كتابة التأريخ الاسلامي بالكيفية التي أشرنا إليها، منهم:
عروة بن الزبير المتوفى عام 93 ه (1).