فلما مات الصادق عليه السلام انتقل جماعة منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر عليهما السلام، وافترق الباقون منهم فرقتين: فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم أن الإمامة كانت في أبيه وإن الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ، وفريق منهم ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ، وهذان الفريقان يسميان الإسماعيلية.
وأما عبد الله بن جعفر: فإنه كان أكبر إخوته بعد إسماعيل، ولم تكن منزلته عند أبيه عليه السلام منزلة غيره من الأولاد، وكان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد، وادعى الإمامة بعد وفاة أبي عبد الله عليه السلام، واتبعه قوم ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة موسى عليه السلام لما ظهر عندهم براهين إمامته، ولم يبق على القول بإمامة عبد الله إلا طائفة يسيرة تسمى الفطحية، وإنما لزمهم هذا اللقب لأنه كان أفطح الرجلين، ويقال:
لأن داعيهم إلى ذلك رجل اسمه عبد الله بن أفطح.
وأما محمد بن جعفر: فكان يرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف، وكان سخيا شجاعا، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان يذبح كل يوم كبشا للضيافة، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة، فخرج لقتاله عيسى الجلودي فهزم أصحابه وأخذه وأنفذه إلى المأمون، فوصله وأكرمه، وكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في موكب بني عمه، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمل السلطان من رعيته.
وروي: أن المأمون أنكر ركوبه إليه في جماعة الطالبية التي خرجت عليه معه، فخرج التوقيع من المأمون إليهم: لا تركبوا مع محمد بن جعفر واركبوا مع عبيد الله بن الحسين. فأبوا أن يركبوا، ولزموا منازلهم، فخرج التوقيع: إركبوا مع من أحببتم. فكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب