يمسي حتى يقتل، وهو يقول: إرجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك ولا يغرنك أهل الكوفة، فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، إن أهل الكوفة كذبوك وليس لكذوب رأي. فقال ابن الأشعث: والله لأفعلن، ولأعلمن ابن زياد أني قد آمنتك.
وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر، ودخل على عبيد الله فأخبره خبره وما كان من أمانه، فقال ابن زياد: ما أنت والأمان؟ كأنا أرسلناك لتؤمنه وإنما أرسلناك لتأتينا به، فسكت ابن الأشعث.
وخرج رسول ابن زياد فأمر بإدخال مسلم، فلما دخل لم يسلم عليه بالإمرة، فقال الحرسي: ألا تسلم على الأمير؟ قال: إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه، وإن كان لا يريد قتلي ليكثرن سلامي عليه، فقال ابن زياد:
لعمري لتقتلن قتلة لم يقتلها أحد من الناس في الإسلام، فقال له مسلم:
أنت أحق من أحدث في الإسلام، وأنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة، ولؤم الغلبة.
وأخذ ابن زياد لعنة الله عليه يشتمه ويشتم الحسين وعليا وعقيلا، وأخذ مسلم لا يكلمه.
ثم قال ابن زياد: إصعدوا به فوق القصر واضربوا عنقه ثم أتبعوه جسده، فقال مسلم: لو كان بيني وبينك قرابة ما قتلتني، فقال ابن زياد: أين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف، فدعي بكر بن حمران الأحمري فقال له: إصعد فكن أنت الذي تضرب عنقه.
فصعد وجعل مسلم يكبر الله ويستغفره، ويصلي على النبي وآله ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا، وضربت عنقه واتبع جسده رأسه، وامر بهانئ بن عروة فاخرج إلى السوق وضربت عنقه وهو يقول: إلى الله المعاد، اللهم إلى رحمتك ورضوانك.