خير خلق الله، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا رسوله إليكم فأجيبوه، ثم لعن ابن زياد، فأمر به فرمي من فوق القصر، فوقع على الأرض وانكسرت عظامه، وأتاه رجل فذبحه وقال: أردت أن أريحه!!
فلما بلغ الحسين صلوات الله عليه قتل رسوله استعبر، ولما بلغ الثعلبية ونزل أتاه خبر قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة فقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما) يردد ذلك مرارا.
وقيل له: ننشدك الله يا ابن رسول الله لما انصرفت من مكانك هذا، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن يكونوا عليك، فنظر إلى بني عقيل فقال: (ما ترون؟) فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق. فقال الحسين عليه السلام: (لا خير في العيش بعد هؤلاء).
ثم أخرج إلى الناس كتابا فيه: (أما بعد: فقد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، فليس عليه ذمام).
فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه ونفر يسير ممن انضموا إليه، وإنما فعل عليه السلام ذلك لأنه علم أن الأعراب الذين اتبعوه يظنون أنه يأتي بلدا قد استقام عليه، فكره أن يسيروا معه إلا ودهم يعلمون على ما يقدمون.
ثم سار عليه السلام حتى مر ببطن العقبة، فنزل فيها فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له: عمرو بن لوذان فقال: أنشدك الله يا ابن رسول الله لما انصرفت، فوالله ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف، وإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤونة القتال ووطؤوا لك الأسياف فقدمت عليهم كان ذلك رأيا.
فقال: (يا عبد الله، لا يخفى علي الرأي ولكن الله تعالى لا يغلب على