وصدق مقالتي، والله ما دعوته إلى منزلي ولا علمت بشئ من أمره حتى جاءني يسألني النزول فاستحيت مات رده، فضيفته وآويته، وأنا أعطيك اليوم عهدا ألا أبغيك سوءا ولا غائلة، وإن شئت أعطيك رهينة فتكون في يدك حتى آتيك به أو آمره حتى يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض فاخرج من جواره، فقال ابن زياد: والله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به، فقال: لا والله لا اتيك به، وكثر الكلام بينهما حتى قال: والله لتأتيني به قال: لا والله لا اتيك به، قال: لتأتيني به أو لأضربن عنقك، فقال هانئ: إذا والله تكثر البارقة حول دارك، فقال ابن زياد: أبا لبارقة تخوفني؟! وهو يظن أن عشيرته سيمنعونه، فقال: ادنو مني، فلم يزل يضرب وجهه بالقضيب حتى كسر أنفه وسيل الدماء على ثيابه، وضرب هانئ يده إلى قائم سيف شرطي وجاذبه الرجل ومنعه، فقال ابن زياد: قد حل لنا قتلك، فجروه فألقوه في بيت من بيوت الدار وأغلقوا عليه بابه.
وبلغ الخبر مسلم بن عقيل فأمر أن ينادى في الناس، فملأ بهم الدور وقال لمناديه: ناد (يا منصور أمت) فعقد مسلم لرؤوس الأرباع على القبائل كندة ومذحج وأسد وتميم وهمدان، فتداعى الناس واجتمعوا فامتلأ المسجد من الناس والسوق، وما زالوا يزيدون حتى المساء.
وضاق بعبيد الله أمره، وليس معه في القصر إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من أشراف الناس وأهل بيته، وأقبل من نأى عنه من أشراف الناس، يأتونه من قبل الباب الذي يلي دار الروميين، وجعل من في القصر مع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون إليهم وهم يرمونه بالحجارة.
ودعا ابن زياد: بكثير بن شهاب، ومحمد بن الأشعث، وشبث بن ربعي، وجماعة من رؤساء القبائل، وأمرهم أن يسيروا في الكوفة ويخذلوا الناس عن مسلم بن عقيل، ويعلموهم بوصول الجند من الشام، وأن الأمير