صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني المصطلق ونزل بقرب واد وعر، فلما كان آخر الليل هبط عليه جبرئيل عليه السلام يخبره عن طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي يريدون كيده وإيقاع الشر بأصحابه، فدعا أمير المؤمنين عليه السلام وقال: (اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجن من يريدك، فادفعه بالقوة التي أعطاك الله عز وجل إياها، وتحصن منه بأسماء الله التي خصك بها وبعلمها (وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس وقال لهم:
كونوا معه وامتثلوا أمره).
فتوجه أمير المؤمنين عليه السلام إلى الوادي، فلما قارب شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله من أعدائه، وسماه بأحسن أسمائه، وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يقربوا منه، فقربوا، وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة، ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم يقعون على وجوههم لشدتها، ولم تثبت أقدامهم على الأرض من هول ما لحقهم، فصاح أمير المؤمنين عليه السلام: (أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه، أثبتوا إن شئتم) فظهر للقوم أشخاص مثل الزط (1) تخيل في أيديهم شعل النار، قد اطمأنوا وأطافوا بجنبات الوادي.
فتوغل أمير المؤمنين عليه السلام بطن الوادي وهو يتلو القرآن ويومئ بسيفه يمينا وشمالا، فما لبثت الأشخاص حتى صارت كالدخان الأسود، وكبر أمير المؤمنين عليه السلام ثم صعد من حيث هبط، فقام مع القوم الذين