ولا يهلك منكم عشرة) (1).
فكان كما قال.
ومنه: ما رواه جندب بن عبد الله الأزدي قال: شهدت مع علي عليه السلام الجمل وصفين لا أشك في قتال من قاتله، حتى نزلت النهروان فدخلني شك فقلت: قراؤنا وخيارنا نقتلهم! إن هذا الأمر عظيم، فخرجت غدوة أمشي ومعي أداوة ماء حتى برزت من الصفوف، فركزت رمحي ووضعت ترسي عليه واستترت من الشمس، فإني لجالس إذ ورد علي أمير المؤمنين عليه السلام فقال: (يا أخا الأزد أمعك طهور؟) قلت: نعم.
فناولته الأداوة، فمضى حتى لم أره، ثم أقبل فتطهر فجلس في ظل الترس، فإذا فارس يسأل عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا فارس يريدك، قال: (فأشر إليه) فأشرت إليه فجاء فقال: يا أمير المؤمنين قد عبر القوم وقطع النهر، فقال: (كلا ما عبروا)، فقال: بلى والله لقد فعلوا، قال: (كلاما فعلوا).
قال: فإنه لكذلك إذ جاء رجل اخر فقال: يا أمير المؤمنين قد عبر القوم، قال: (كلا ما عبر القوم) قال: والله ما جئتك حتى رأيت الرايات في ذلك الجانب والأثقال، قال: (والله ما فعلوا، وأنه لمصرعهم ومهراق دمائهم).
ثم نهض ونهضت معه، فقلت في نفسي: الحمد لله الذي بصرني بهذا الرجل وعرفني أمره، هذا أحد رجلين: إما رجل كذاب جرئ، أو على بينة من ربه وعهد من نبيه، اللهم إني أعطيك عهدا تسألني عنه يوم القيامة: إن أنا وجدت القوم قد عبروا أن أكون أول من يقاتله وأول من يطعن بالرمح في عينه، وإن كانوا لم يعبروا أن أقيم على المناجزة والقتال.