الوصايا المتكررة للشارع المقدس، وتأكيداته المتكررة، والمقرة عقلا ومنطقا.
ومن هنا فقد كان لابد من أن تترجم هذه الوصايا والتأكيدات بنتاجات تأريخية تقف - رغم شدة التيار المعاكس لها - كشواخص حية وصادقة في رسم الصورة الحقيقية التي ينبغي ان يعتمدها المؤرخون في كتابتهم لصفحات التأريخ، وترجمتهم لوقائعه المختلفة.
ولعل من يستقرئ - اجمالا - الأزمنة التي يفترض لهذه الكتابات أن تعاصرها فإنه يجدها في موقف حساس وخطير لا تحسد عليه، طالما أن الخط العام الحاكم - سياسيا كان أم تقليدا فرضه حكم تقادم الأيام والسنين - كان يقف إلى حد ما بشكل مغاير لتوجهات ومتبنيات هذا المنهج السليم والصادق في كيفية دراسة التأريخ، وطبيعة مرتكزاته الأساسية، وهذه كانت هي محنة مؤلفات الشيعة الإمامية التأريخية، ومعوقها الكبير، وهو ما جعلها تبدو للناظر أول وهلة محدودة النتاجات، بسيطة الاستشراف والإحاطة بحلقات التأريخ المختلفة.
بيد ان اخضاع هذا التصور المتعجل للواقع المذكور من جانب، ومن جانب دراسة مجمل ما كتبه الشيعة الإمامية في هذا الميدان المقدس والكبير، وكيفية تعامل مؤلفوها مع وقائع الأحداث، وترابطها الموضوعي مع الشريعة الاسلامية المباركة، كل ذلك يدفع الباحث قسرا للاقرار بخلاف ما ذهب إليه، والى اكبار واجلال تلك الجهود التي ترجمت - في رفد حركة البناء التأريخي - نواياها الصادقة من خلال جملة من المؤلفات التأريخية المختلفة، والتي يعد الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم نموذجا واحدا منها، وأثرا مباركا من اثارها وثمارها الطيبة حيث أبدع يراع مؤلفه أمين الاسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي رحمه الله في