لم يشرح الله الصدر للهداية إلى استنباطه ولا أنار الفكر لاستخراج جوهره والتقاطه إلا عند الخوض في الفصل الذي قبله فرأينا أن نضيفه إليه ونجمع به شمله فاعلم أن الله تعالى خص كثيرا من الأنبياء بكرامة خلعها عليهم من أسمائه كتسمية إسحاق وإسماعيل بعليم وحليم وإبراهيم بحليم، ونوح بشكور، وعيسى ويحيى ببر وموسى بكريم وقوى ويوسف بحفيظ عليم وأيوب بصابر وإسماعيل بصادق الوعد كما نطق بذلك الكتاب
العزيز من مواضع ذكرهم وفضل نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بأن حلاه منها في كتابه
العزيز وعلى ألسنة أنبيائه بعدة كثيرة اجتمع لنا منها جملة بعد إعمال الفكر وإحضار الذكر إذ لم نجد من جمع منها فوق اسمين ولا من تفرغ فيها لتأليف فصلين وحررنا منها في هذا الفصل نحو ثلاثين اسما ولعل الله تعالى كما ألهم إلى ما علم منها وحققه يتم النعمة بإبانة ما لم يظهره لنا الآن ويفتح غلقه. فمن أسمائه تعالى الحميد ومعناه المحمود لأنه حمد نفسه وحمده عباده ويكون أيضا بمعنى الحامد لنفسه ولأعمال الطاعات وسمى
النبي صلى الله عليه وسلم محمدا وأحمد فمحمد بمعنى محمود وكذا وقع اسمه في زبر داود واحمد بمعنى أكبر من حمد وأجل من حمد وقد أشار إلى نحو هذا حسان بقوله:
____________________
(قوله وموسى بكريم) في سورة الدخان (وقد جاءهم رسول كريم) (قوله بأن حلاه) بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام (قوله غلقة) بفتح الغين المعجمة واللام ما ينغلق به (قوله حسان) هو ابن ثابت الأنصاري عاش هو والثلاثة فوقه من آبائه كل