أن المفسرين قد اختلفوا في هذه الآية فذهب بعضهم إلى أنها نزلت في قضية الحديبية وما وقع في نفوس الناس من ذلك وقيل غير هذا وأما قولهم إنه قد سماها في الحديث مناما وقوله في حديث آخر بين النائم واليقظان وقوله أيضا وهو نائم وقوله ثم استيقظت فلا
حجة فيه إذ قد يحتمل أن أول وصول الملك إليه كان وهو نائم أو أول حمله والإسراء به وهو نائم وليس في الحديث أنه كان نائما في القصة كلها إلا ما يدل عليه قوله ثم استيقظت وأنا في
المسجد الحرام، فلعل قوله استيقظت بمعنى أصبحت أو استيقظ من نوم آخر بعد وصوله بيته ويدل عليه أن مسراه لم يكن طول ليله وإنما كان في بعضه وقد يكون قوله استيقظت وأنا في
المسجد الحرام لما كان غمره من عجائب ما طالع من ملكوت السماوات والأرض وخامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى وما رأى من آيات ربه الكبرى فلم يستفق ويرجع إلى حال البشرية إلا وهو
بالمسجد الحرام ووجه ثالث أن يكون
نومه واستيقاظه حقيقة على مقتضى لفظه ولكنه أسرى بجسده وقلبه حاضر ورؤيا الأنبياء حق تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم وقد مال بعض أصحاب الإشارات إلى نحو من هذا قال تغميض
____________________
(قوله الحديبية) بتخفيف المثناة التحتية قبل هاء التأنيث، كذا عن الشافعي وأهل اللغة وبعض المحدثين وقال أكثر المحدثين بتشديدها وهي قرية بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة على نحو مرحلة من مكة (قوله خامر) بالخاء المعجمة: أي خالط