فإن كان إثما كان أبعد الناس منه (قال أبو العباس المبرد: قسم كسرى أيامه فقال يصلح يوم الريح للنوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر للشرب واللهو ويوم الشمس للحوائج. قال ابن خالويه ما كان أعرفهم بسياسة دنياهم (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم
غافلون) ولكن
نبينا صلى الله عليه وسلم جزأ نهاره ثلاثة أجزاء: جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة ويقول (أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغي فإنه من أبلغ حاجة من لا يستطيع إبلاغها آمنه الله يوم
الفزع الأكبر) وعن الحسن: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحدا بقرف أحد ولا يصدق أحدا على أحد، وذكر أبو جعفر الطبري عن
علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما هممت بشئ مما كان أهل
الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك، ثم ما هممت بسوء حتى أكرمني الله برسالته، قلت ليلة لغلام كان يرعى معي: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل
مكة فأسمر بها كما يسمر الشباب، فخرجت لذلك حتى جئت أول دار من
مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير لعرس
____________________
(قوله كسرى) بكسر الكاف وفتحها لقب لكل من ملك الفرس (قوله بقرف) بفتح القاف وسكون الراء يقال قرفت الرجل أي عبته وهو يقرف بكذا: أي يرمى به ويتهم (قوله عزفا) بفتح العين المهملة سكون الزاي، أي لعبا بالمعازف، وهي الدفوف وغيرها مما يضرب به، وقيل كل لعب عزف.