كلامه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد دعا نوح على قومه فقال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا فلقد
وطئ ظهرك وأدمى وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيرا فقلت اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، قال القاضي أبو الفضل وفقه الله: انظر ما في هذا القول من جماع الفضل ودرجات الإحسان وحسن الخلق وكرم النفس وغاية الصبر والحلم، إذ لم يقتصر صلى الله عليه وسلم على السكوت عنهم حتى عفا عنهم ثم أشفق عليهم ورحمهم ودعا وشفع لهم فقال اغفر أو اهد، ثم أظهر سبب الشفقة والرحمة بقوله لقومي، ثم اعتذر عنهم بجهلهم فقال فإنهم لا يعلمون، ولما قال له الرجل اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله: لم يزده في جوابه أن بين له ما
جهله ووعظ نفسه وذكرها بما قال له فقال ويحك (فمن يعدل إن لم أعدل؟ خبت وخسرت إن لم أعدل) ونهى من أراد من أصحابه
قتله، ولما تصدى
____________________
أبى بلتعة فقال يا رسول الله من فعل هذا بك؟ فأشار إلى عتبة، فتبعه حاطب حتى قتله وجاء بفرسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله بأبي أنت وأمي) أي بأبي أنت مفدى وبأمي أي بأبي فديتك أنت وبأمي (قوله ولما قال له الرجل اعدل) هو ذو الخويصرة التميمي قتل في الخوارج يوم النهروان ويقال حرقوص، كذا في تجريد الذهبي (قوله خبت وخسرت) بضم التاء الفوقية فيهما، كذا عن المزي حال القراءة عليه لأنه معلق بعدم العدل الذي هو معصوم منه صلى الله عليه وسلم وليلائم قول القاضي وعظ نفسه وذكرها (قوله ونهى من أراد من أصحابه قتله) هو خالد بن الوليد، وقيل عمر (قوله ولما تصدى له غورث) هو بغين معجمة