ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولوا من رأيتم لها أهلا. ثم تنحى فقعد.
وقام عمرو بن العاص مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية [في الخلافة] فإنه ولي عثمان والطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه. فقال له أبو موسى: ما لك لا وفقك الله، قد غدرت وفجرت. وإنما مثلك مثل الكلب (إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) إلى آخر الآية. قال: فقال له عمرو: إنما مثلك مثل (الحمار يحمل أسفارا) إلى آخر الآية. وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه بالسوط، وحمل على شريح ابن لعمرو فضربه بالسوط، وقام الناس فحجزوا بينهم، فكان شريح يقول بعد ذلك: ما ندمت على شئ ندامتي أن لا ضربته بالسيف بدل السوط. والتمس أصحاب على أبا موسى فركب ناقته فلحق بمكة، فكان ابن عباس يقول: قبح الله أبا موسى، حذرته وأمرته بالرأي فما عقل (1).
وكان أبو موسى يقول: قد حذرني ابن عباس غدرة الفاسق ولكن اطمأننت إليه، وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمة. ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي.
وقال الشني:
ألم تر أن الله يقضي بحكمه * وعمرو وعبد الله يختلفان وليسا بمهدي أمة من ضلالة * بدرماء سخما فتنة عميان (2) أثارا لما في النفس من كل حاجة * شديدان ضراران مؤتلفان (3) أصمان عن صوت المنادي تراهما * على دارة بيضاء يعتلجان