معاوية: يا عمرو، لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الأمر. ألا تراه (1) قد خلى سبيل أسرانا. فأمر بتخلية من في يديه من أسرى علي. وكان علي إذا أخذ أسيرا من أهل الشام خلى سبيله، إلا أن يكون قد قتل أحدا من أصحابه فيقتله به، فإذا خلى سبيله فإن عاد الثانية قتله ولم يخل سبيله. وكان على لا يجهز على الجرحى (2) ولا على من أدبر بصفين، لمكان معاوية.
نصر، عن عمر بن سعد، عن الصقعب بن زهير، عن عون بن أبي جحيفة (3) قال: أتى سليمان بن صرد عليا أمير المؤمنين بعد الصحيفة، ووجهه مضروب بالسيف، فلما نظر إليه علي قال: (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). فأنت ممن ينتظر وممن لم يبدل. فقال: يا أمير المؤمنين، أما لو وجدت أعوانا ما كتبت هذه الصحيفة أبدا. أما والله لقد مشيت في الناس ليعودوا إلى أمرهم الأول فما وجدت أحدا عنده خير إلا قليلا.
وقام إلى علي محرز بن جريش (4) بن ضليع فقال: يا أمير المؤمنين، ما إلى الرجوع عن هذا الكتاب سبيل، فوالله إني لأخاف أن يورث ذلا. فقال على:
أبعد أن كتبناه ننقضه (5)، إن هذا لا يحل. وكان محرز يدعى " مخضخضا " وذاك أنه أخذ عنزة بصفين (6)، وأخذ معه إداوة من ماء، فإذا وجد رجلا من أصحاب علي جريحا سقاه من الماء، وإذا وجد رجلا من أصحاب معاوية خضخضه بالعنزة حتى يقتله.