لا يخافون عليا إن ظفر بهم. ولكن ألق إليهم أمرا إن قبلوه اختلفوا، وإن ردوه اختلفوا. ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم، فإنك بالغ به حاجتك في القوم، فإني لم أزل أؤخر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه (1). فعرف ذلك معاوية فقال: صدقت.
نصر، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن عمير الأنصاري (2) قال: والله لكأني أسمع عليا يوم الهرير حين سار أهل الشام، وذلك بعد ما طحنت رحى مذحج فيما بينها (3) وبين عك ولخم وجذام والأشعريين، بأمر عظيم تشيب منه النواصي من حين استقلت الشمس (4) حتى قام قائم الظهيرة. ثم إن عليا قال: حتى متى نخلي بين هذين الحيين؟ قد فنيا وأنتم وقوف تنظرون إليهم. أما تخافون مقت الله. ثم انفتل إلى القبلة ورفع يديه إلى الله ثم نادى: " يا الله، يا رحمن [يا رحيم] يا واحد [يا أحد]، يا صمد، يا الله يا إله محمد. اللهم إليك نقلت الأقدام، وأفضت القلوب، ورفعت الأيدي، وامتدت الأعناق، وشخصت الأبصار، وطلبت الحوائج. [اللهم] إنا نشكو إليك غيبة نبينا صلى الله عليه، وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا. (ربنا افتح بينا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين). سيروا على بركة الله ". ثم نادى: لا إله إلا الله والله أكبر كلمة التقوى. ثم قال (5): لا والله الذي بعث محمدا صلى الله عليه بالحق نبيا، ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق الله السماوات والأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب. إنه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب،