وقال: وأي فعال تريد، والله ما نعرف في أكفائنا من قريش العراق من يغني غناءنا باللسان ولا باليد. فقال معاوية: بل إن أولئك قد وقوا عليا بأنفسهم.
قال الوليد: كلا بل وقاهم على بنفسه. قال: ويحكم، أما منكم من يقوم لقرنه منهم مبارزة أو مفاخرة. فقال مروان: أما البراز فإن عليا لا يأذن لحسن ولا لحسين ولا لمحمد بنيه فيه، ولا لابن عباس وإخوته، ويصلي بالحرب دونهم، فلأيهم نبارز. وأما المفاخرة فبماذا نفاخرهم أبا لإسلام أم بالجاهلية.
فإن كان بالإسلام فالفخر لهم بالنبوة، وإن كان بالجاهلية فالملك فيه لليمن.
فإن قلنا قريش قالت العرب: فأقروا لبني عبد المطلب. فغضب عتبة بن أبي سفيان فقال: الهوا عن هذا فإني لاق بالغداة جعدة بن هبيرة. فقال معاوية:
بخ بخ، قومه بنو مخزوم، وأمه أم هانئ بنت أبي طالب، وأبوه هبيرة بن أبي وهب، كفو كريم. وظهر العتاب بين عتبة والقوم حتى أغلظ لهم وأغلظوا له.
فقال مروان: أما والله لولا ما كان مني يوم الدار مع عثمان، ومشهدي بالبصرة لكان مني في علي رأي كان يكفي امرأ ذا حسب ودين، ولكن ولعل.
ونابذ معاوية الوليد بن عقبة دون القوم، فأغلظ له الوليد فقال معاوية: يا وليد، إنك إنما تجترئ على بحق عثمان (1)، وقد ضربك حدا، وعزلك عن الكوفة.
ثم إنهم ما أمسوا حتى اصطلحوا وأرضاهم معاوية من نفسه، ووصلهم بأموال جليلة. وبعث معاوية إلى عتبة فقال: ما أنت صانع في جعدة؟ فقال: ألقاه اليوم وأقاتله غدا. وكان لجعدة في قريش شرف عظيم، وكان له لسان، وكان من أحب الناس إلى علي، فغدا عليه عتبة فنادى: أيا جعدة، أيا جعدة.
فاستأذن عليا عليه السلام في الخروج إليه، فإذن له، واجتمع الناس لكلامهما فقال عتبة: يا جعدة، إنه والله ما أخرجك علينا إلا حب خالك وعمك ابن