عتبة دعا في الناس عند المساء: " ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فليقبل ".
فأقبل إليه ناس، فشد في عصابة من أصحابه على أهل الشام مرارا، فليس من وجه يحمل عليه (1) إلا صبروا له وقوتل فيه قتالا شديدا، فقال لأصحابه:
" لا يهولنكم ما ترون من صبرهم، فوالله ما ترون منهم إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها، وإنهم لعلى الضلال وإنكم لعلى الحق. يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا، وامشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا. ثم تآسوا وتصابروا واذكروا الله، ولا يسلم رجل أخاه، ولا تكثروا الالتفات، واصمدوا صمدهم، وجالدوهم محتسبين، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ".
فقال أبو سلمة: فمضى في عصابة من القراء فقاتل قتالا شديدا هو وأصحابه، حتى رأى بعض ما يسرون به، إذ خرج عليهم فتى شاب يقول:
أنا ابن أرباب الملوك غسان * والدائن اليوم بدين غسان أنبأنا أقوامنا بما كان (2) * أن عليا قتل ابن عفان ثم شد فلا ينثني يضرب بسيفه، ثم [جعل] يلعن [عليا] ويشتمه ويسهب في ذمه (3)، فقال له هاشم بن عتبة: " إن هذا الكلام بعده الخصام، وإن هذا القتال بعده الحساب. فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فسائلك عن هذا الموقف وما أردت به (4) ". قال: فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي كما ذكر لي، وأنكم لا تصلون، وأقاتلكم أن صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم وازرتموه على قتله. فقال له هاشم: " وما أنت وابن عفان؟ إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس، حين أحدث أحداثا وخالف حكم الكتاب،