فيصطفون أحد عشر صفا (1) ويخرج أهل العراق فيصطفون أحد عشر صفا.
فخرجوا أول يوم من صفر (من سنة سبع وثلاثين)، وذلك يوم الأربعاء، فاقتتلوا، وعلى من خرج يومئذ من أهل الكوفة الأشتر، وعلى أهل الشام حبيب بن مسلمة، فاقتتلوا قتالا شديدا جل النهار، ثم تراجعوا وقد انتصف بعضهم من بعض. ثم خرج (في اليوم الثاني) هاشم بن عتبة في خيل ورجال حسن عددها وعدتها، وخرج إليه من أهل الشام أبو الأعور السلمي فاقتتلوا يومهم ذلك، تحمل الخيل على الخيل، والرجال على الرجال، ثم انصرفوا وقد صبر القوم بعضهم لبعض. وخرج اليوم الثالث عمار بن ياسر، وخرج إليه عمرو بن العاص فاقتتل الناس كأشد القتال، وجعل عمار يقول:
" يا أهل الإسلام (2)، أتريدون أن تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما وبغى على المسلمين وظاهر المشركين، فلما أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتى النبي صلى الله عليه، فأسلم وهو والله فيما يرى (3) راهب غير راغب، وقبض الله رسوله صلى الله عليه وإنا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودة المجرم؟ ألا وإنه معاوية، فالعنوه لعنه الله، وقاتلوه فإنه ممن يطفئ نور الله، ويظاهر أعداء الله ".
وكان مع عمار زياد بن النضر على الخيل، فأمره أن يحمل في الخيل، فحمل وصبروا له، وشد عمار في الرجالة فأزال عمرو بن العاص عن موقفه، وبارز يومئذ زياد بن النضر أخا له [لأمه (4)] من بني عامر يقال له معاوية بن عمرو