نسير وبيننا وبين أمير المؤمنين هذا البحر: ما لنا خير أن نلقى جموع أهل الشام بقلة من عددنا منقطعين من العدد والمدد. فذهبوا ليعبروا من عانات فمنعهم أهل عانات، وحبسوا عندهم السفن (1)، فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت ثم لحقوا عليا بقرية دون قرقيسيا وقد أرادوا أهل عانات فتحصنوا منهم، فلما لحقت المقدمة عليا قال: مقدمتي تأتي [من] ورائي؟ فتقدم إليه زياد وشريح فأخبراه [بالرأي] الذي رأيا، فقال: قد أصبتما رشدكما. فلما عبر الفرات قدمهما أمامه نحو معاوية، فلما انتهوا إلى معاوية لقيهم أبو الأعور [السلمي] في جند أهل الشام، فدعوهم إلى الدخول في طاعة أمير المؤمنين فأبوا، فبعثوا إلى علي: إنا قد لقينا أبا الأعور السلمي بسور الروم في جند من أهل الشام فدعوناه (2) وأصحابه إلى الدخول في طاعتك فأبوا علينا، فمرنا بأمرك. فأرسل علي إلى الأشتر فقال:
" يا مال، إن زيادا وشريحا أرسلا إلى يعلماني أنهما لقيا أبا الأعور السلمي في جند من أهل الشام بسور الروم فنبأني الرسول أنه تركهم متواقفين (3). فالنجاء إلى أصحابك النجاء. فإذا أتيتهم فأنت عليهم، وإياك أن تبدأ القوم بقتال، إلا أن يبدؤوك، حتى تلقاهم وتسمع منهم، ولا يجرمنك شنآنهم على قتالهم (4) قبل دعائهم والإعذار إليهم مرة بعد مرة. واجعل على ميمنتك زيادا، وعلى ميسرتك شريحا، وقف بين أصحابك وسطا، ولا تدن