نفسك عن كثير مما يحب (1) مخافة مكروهة، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر. فكن لنفسك مانعا وازعا (2) من البغي والظلم والعدوان، فإني قد وليتك هذا الجند، فلا تستطيلن عليهم، وإن خيركم عند الله أتقاكم. وتعلم من عالمهم، وعلم جاهلهم، واحلم عن سفيههم، فإنك إنما تدرك الخير بالحلم، وكف الأذى والجهل (3).
فقال زياد: أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك، مؤدبا بأدبك، يرى الرشد في نفاذ أمرك، والغي في تضييع عهدك.
فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد ولا يختلفا، وبعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته (4) شريح بن هانئ على طائفة من الجند، وزياد على جماعة. فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة، ولا يقرب زياد بن النضر (5)، فكتب زياد [إلى علي عليه السلام] مع غلام له أو مولى يقال له شوذب:
لعبد الله علي أمير المؤمنين من زياد بن النضر، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإنك وليتني أمر الناس، وإن شريحا لا يرى لي عليه طاعة ولا حقا، وذلك من فعله بي استخفاف بأمرك، وترك لعهدك (6).
[والسلام].