بالوحدانية والنبوة، فهم في أمان الله. نعم قضى الاسلام على جميع العادات والاخلاق والمنازعات والتعصبات والفروق الجاهلية، كما قضى على جميع الأنظمة والقواعد والأحقاد والمشاحنات والمطالبات المالية والدموية والعرقية وكلما كان من عرف ونواميس الجاهلية، وأقام مقاييس إنسانية معنوية منطقية فطرية، وحدودا إلهية جاء بها القرآن الكريم، وسنها النبي العظيم، تقوم جميعها على الدليل والبرهان، فلا ظلم ولا اعتداء، ولا هتك ولا تعد لمقاصد شخصية وفوارق ذاتية وأنانية، فلا حد إلا بنص، ولا تغريم إلا بجرم خالف فيه الفرد شرع الله وشرع رسوله، ولا اجتهاد امام النص، ولا اجتهاد في كلمة إلا من بالغ عاقل عالم عادل مؤمن مذكر طاهر المولد هو رسول الله أو من نص عليه.
فيه رفع الله قيمة النفس الانسانية فقال: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) ذلك العهد الذي جعل فيه لمكارم الاخلاق والبر والاحسان المقام الجليل في كل شئ فقال: (واما اليتيم فلا تقهر * واما السائل فلا تنهر * واما بنعمة ربك فحدث). ومن هو السائل؟ نعم كل سائل سواء أكان عن مال أو طريق أو حديث أو أي طلب آخر، وفيه امتدح اكرام المسكين واليتيم والأسير فقال: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) وفيه مئات وألوف من القواعد والأصول الانسانية في جميع المجالات الاجتماعية والأخلاقية العامة والخاصة، وفيه رفع شأن العلم فقال: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)؟ وقد حذر فيه من التعدي على حدود الله ورسوله حين قال (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون) وفيه تهذيب الاخلاق وتهذيب النفس والاصغاء إلى وحي العقل السليم (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) (1). وقوله في