ناصحا، مجدا كادحا، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون، فاكهون آمنون " (تعني الهيئة الحاكمة) فانظر إلى هذه المناظرة الحقيقية الناصعة وهيهات ان تجد مثل هذه المناظرة بل مثل هذه الحقيقة الناصعة من السابقة والاخلاص، والتقوى والقرابة، والثقة من رسول الله، والقدرة والقوة، والتضحية المتناهية التي وجدتها عند علي (عليه السلام) وعلى نقيضها عندهم، فمن أحق منه بالخلافة؟ ومن أحق منه بالإمامة؟
وثم خطابها للسلطة الحاكمة: " تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الاخبار ".
وهي تعني تآمرهم على آل البيت، وقد مر بنا التدابير التي اتخذوها قبل وبعد بعثة أسامة ولعن رسول الله المتخلفين، وموقف عمر من طلب رسول الله القلم والقرطاس، وبعدها ليلة ويوم السقيفة. ثم تراها تسترسل في خطبتها لائمة إياهم على تحديهم ونقضهم العهد وأثر نقضهم، ومنذرة لهم عاقبة فعلهم:
" فوسعتم غير إبلكم، وأوردتم غير مشربكم هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا، وان جهنم لمحيطة بالكافرين. أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا مل ء القعب دما عبيطا وذعافا مبيدا هناك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أسس الأولون ثم طيبوا عن دنياكم نفسا، واطمئنوا للفتنة جأشا، وابشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم، وبهرج شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيأكم زهيدا وجمعكم حصيدا، فيا حسرة لكم " وهكذا تعلن الزهراء (عليها السلام) وتفضح خططهم وتفند دعواهم، أن ما عملوه خوف الفتنة إنما هو الفتنة بعينها، ثم تعلن ارتدادهم بقولها: " إن جهنم لمحيطة بالكافرين " وتعلن استبدادهم وبعده خسرانهم ومتقلبهم، وقد أقامت الحجة وأثبتت غصبهم لحقوق آل البيت غاياتهم الوضيعة ونتائجهم المريعة، وما سيلقونه يوم الجزاء من مركز العدالة الإلهية والقضاء.