بإطاعته؟ ألم يقل عنه أنه يعسوب الدين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين ألم ترد فيه آية التطهير، والمباهلة والولاية وآيات يوم غدير خم؟ ألم يكن حبيب الله ورسوله في يوم خيبر؟ ألم تساو ضربة منه لعمرو بن عبد ود عبادة الثقلين؟ ألم يكن من رسول الله مقام نفسه ومقام هارون من موسى وباب مدينة علم رسول الله وما لا يعد ولا يحصى له من الفضائل؟ من مثله سابقة وعلما وتقوى وشجاعة وتضحية وحبا لله ولرسوله واخلاصا لدينه ومن أحبه الله ورسوله مثله؟ فما بال هؤلاء القوم لا يفقهون؟ وما بال الشيطان أغواهم؟ إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ولكن ما تقول في رجل يخاطب رسول الله بهذا اللفظ (ان الرجل ليهجر)، من هو الرجل يا عمر؟ أتقول لرسول الله! الرجل يهجر!
والله يقول: لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى، وفيه يقول ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، وقال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله ورسوله... الخ)، انظر إلى هذا التحقير من عمر وإلى ذلك التعظيم من الله لرسوله.
لقد اعترف علماء العامة ان القائل بكلمة الهجر والهذيان لرسول الله كان يجهل مقام رسول الله الشامخ والرسالة العظمى، نذكر منهم العلامة القاضي عياض الشافعي في كتاب الشفا، والكرماني في شرح صحيح البخاري، والنووي في شرح صحيح مسلم ان من تكلم بهذا الكلام كل من كان فقد كان تنقصه المعرفة ويحفه العجز بمقام صاحب الرسالة، إذ أن رسول الله يتلقى اعماله من قبل الله وهذا مما يجعله في حالة الصحة والمرض معتدلا، وكلامه عن عقل متخذ من الكمال المطلق لا يمكن أن يصمه أحد بوصمة إلا وكان الواصم ناقصا مطعونا فيه وان كان هذا عن نبي أو رسول مثل رسول الله فلا شك وان القائل ينقصه التيقن والايمان ويحيطه الشك والضلال عن الحق والحقيقة، وقد ذهبت لدى أرباب المذاهب طالما ان الرسل يستمدون معرفتهم عن المبدأ الأعلى عن الله فان أقوالهم سيان في حالة الصحة والمرض، لا يستطيع أحد الطعن فيها، ومن عمل ذلك فقد كان كافرا