ذلك يشير إلى أن أعمار هذه الأمة المحمدية في الغالب والأكثر تكون ما بين ستين سنة إلى سبعين، ولكل على ما ذهب إليه دليل، وشواهد الأحوال تصدق ذلك وتؤيده، فقد وقعت بين الستين إلى السبعين من سني الهجرة، فمنها: قتل الحسين وقتال الحرة، ومرج راهط، ويوم جبانة السبيع (1)، ووقائع المختار بن أبي عبيد، ويوم جازر (2)، وفتنة عبد الله بن الزبير، والطاعون الجارف الذي هلك فيه بالبصرة في ثلاثة أيام في كل يوم سبعون ألفا، ومات فيه لأنس بن مالك ثلاثة وثمانون ابنا، ويقال ثلاثة وسبعون، ومات لعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ابنا، ومات لصدقة بن عامر الحارثي سبعة بنين في يوم واحد، وطاعون الكوفة.
ويؤيد ذلك ما خرجه الإمام أحمد (3) من حديث يحيى بن أبي بكير، حدثنا كامل أبو العلاء، قال: سمعت أبا صالح عن أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا بالله من السبعين، ومن إمارة الصبيان، وقال: لا تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع، وله عنده طرق.
والأكثر يتأول قوله: معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين، أن أكثر موت الناس وقد بلغوا من السنين ما بين الستين والسبعين، واحتجوا لذلك بما خرجه البخاري (4) من حديث معن بن محمد الغفاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: