وخرجا من حديث البراء مطولا، وفيه: ثم قال: ألم يأن للرحيل؟ قلت بلى، قال: فارتحلنا بعد ما زالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، قال:
ونحن في جدد من الأرض، فقلت: يا رسول الله أتينا، فقال: لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتطمت فرسه إلى بطنها، فقال: إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي، فادع الله لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقي أحدا إلا رده. اللفظ المسلم.
وفي لفظ لهما: فلما دنا دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه، ووثب عنه، وقال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك، فادع الله لي أن يخلصني مما أنا فيه، ولك على لأعمين على من ورائي، وهذه كنانتي فخذ سهما منها، فإنك ستمر على إبلي وغلماني، بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، قال: لا حاجة لي في إبلك (1).
وذكر أبو نعيم (2) عن محمد بن إسحاق أنه قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله وتبارك وتعالى عنه فيما يزعمون - والله تعالى أعلم - في دخوله الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسيره معه حين ساروا، في طلب سراقة بن جعشم إياهم:
قال النبي ولم أجزع يوقرني * ونحن في سدنة في ظلمة الغار لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا * وقد توكل لي منه بإظهار وإنما كيد من تخشى بوادره * كيد الشياطين كادته لكفار والله مهلكهم طرا بما كسبوا * وجاعل المنتهى منهم إلى النار وأنت مرتجل عنهم وتاركهم * إما غدوا وإما مدلج سار وهاجر أرضهم حتى يكون لنا * قوم عليهم ذوو عز وأنصار حتى إذا الليل وارانا جوانبه * وسد من دون من نخشى بأستار سار الأريقط يهدينا وأنيقه * ينعبن بالقوم نعبا تحت أكوار