يقدر على غيرك، ووتبنا، فانطلق الأسد، وقد نضخ رأسه، فقال أبو لهب: قد عرفت والله ما كان لينفلت من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن إسحاق في كتاب (المغازي) عن يزيد بن زياد، عن محمد ابن كعب القرظي، وعن عثمان بن عروة بن الزبير، عن رجال من أهل بيته، قالوا: كانت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتيبة بن أبي لهب، فطلقها، فلما أراد الخروج إلى الشام قال: لآتين محمدا وأوذينه في ربه، قال: فأتى فقال: يا محمد، هو يكفر بالذي (دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) ثم تفل في وجهه، ثم رد عليه ابنته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم سلط عليه كلبا من كلابك.
قال: وأبو طالب حاضر، فوجم عنها وقال: ما أغناك عن دعوة ابن أخي، فرجع إلى أبيه فأخبره بذلك، وخرجوا إلى الشام، فنزلوا منزلا، فأشرف عليهم راهب من الدير، فقال لهم: هذه أرض مسبعة، فقال أبو لهب:
يا معشر قريش أغنونا هذه الليلة، فإني أخاف عليه دعوة محمد فجمعوا أحمالهم، ففرشوا لعتيبة في أعلاها، وناموا حوله، فجاء الأسد، فجعل يشم وجوههم، ثم ثني ذنبه، فوثب، عنه فضربه بذنبه ضربة واحدة، فخدشه، فقال: قتلني، ومات مكانه، فقال حسان رضي الله تبارك وتعالى عنه:
سائل بني الأشعر جئتهم * ما كان أنباء أبي واسع لا وسع الله له قبره * بل ضيق الله على القاطع رحم نبي جده ثابت * يدعو إلى نور الله ساطع أسبل بالحجر لتكذيبه * دون قريش نهزة القاذع فاستوجب الدعوة منه بما * تبين للناظر والسامع أن سلط الله بها كلبه * يمشي الهوينا مشية الخادع حتى أتاه وسط أصحابه * وبه علتهم سنة الهاجع فالتقم الرأس من يافوخه * والنحر منه فغرة الجائع (1)