شديد الحر بالهاجرة، في بعض طرق مكة، إذا لقيني رجل من قريش فقال:
أين تريد يا ابن الخطاب؟ فقلت: أري [كذا وكذا]، قال عجبا لك يا ابن الخطاب؟ أنت تزعم أنك كذلك، وقد أدخل عليك الأمر في بيتك قال: قلت:
وما ذاك؟ قال: أختك قد أسلمت، قال: فرجعت مغضبا حتى قرعت الباب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم الرجل والرجلان، ممن لا شئ له، ضمهما إلى الرجل الذي في يديه السعة، لأنه من فضل طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، فلما قرعت البيت، قيل: من هذا؟ قلت: عمر بن الخطاب، فبادروا فاختفوا مني، وقد كانوا يقرأون في صحيفة بين أيديهم، تركوها أو دسوها، فقامت أختي تفتح الباب فقلت: يا عدوة نفسها أصبوت؟ وضربتها بشئ في يدي على رأسها، فسال الدم، فلما رأت الدم بكت وقالت يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلا فافعل، فقد صبوت.
قال: ودخلت حتى جلست على السرير، فنظرت إلى الصحيفة وسط البيت، فقلت: ما هذا؟ فتناولتها، فإذا فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم) فلما مررت باسم من أسماء الله [ذعرت] منه، فألقيت الصحيفة، ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها، فإذا فيها: (سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم * له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير * هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم * هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير * له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور * يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور) فقرأتها حتى بلغت: ﴿آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير﴾ (1)، فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فخرجوا متبادرين وكبروا وقالوا:
أبشر يا ابن الخطاب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين فقال: اللهم أعز دينك