الليل قبل الغار - غار ثور - وهو الذي ذكر الله عز وجل في الكتاب، وعمد علي بن أبي طالب رضي الله تبارك وتعالى عنه، فرقد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله تبارك وتعالى عنه وباتت قريش يختلفون ويأتمرون، أيهم يجثم على صاحب الفراش فيوثقه، فكان ذلك أمرهم حتى أصبحوا، فإذا هم بعلي بن أبي طالب، فسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أنه لا علم له به، فعلموا عند ذلك أنه قد خرج فارا منهم، فركبوا في كل وجه يطلبونه.
وقال يونس بن بكير، إن ابن إسحاق قال: فلما أيقنت قريش أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد بويع، وأمر من كان بمكة من أصحابه أن يلحقوا بإخوانهم بالمدينة [تآمروا] فيما بينهم فقالوا: الآن فأجمعوا في أمر محمد، فوالله لكأنه قد كر عليكم بالرجال، فأثبتوه، أو اقتلوه، أو أخرجوه، فاجتمعوا له في دار الندوة ليقتلوه، فزعم ابن دريد في (الوشاح)، أنهم كانوا خمسة عشر رجلا. وذكر ابن دحية في كتاب (المولد)، أنهم كانوا مائة رجل.
قال ابن [إسحاق]: فلما دخلوا الدار، اعترضهم الشيطان في صورة رجل [جميل] في بت له، قال: أدخل؟ قالوا: من أنت؟ قال: أنا رجل من أهل نجد، سمع بالذي اجتمعتم له، وأراد أن يحضره معكم، فعسى أن لا يعدمكم رأي ونصح، فقالوا: أجل، فادخل، فلما دخل قال بعضهم لبعض:
قد كان من الأمر ما قد علمتم، [أجمعوا] في هذا الرجل رأيا واحدا، وكان ممن اجتمع له في دار الندوة: شيبة، وعتبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والنضر بن الحارث، فقال قائل منهم: أرى أن تحبسوه، وتربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء، زهير بن أبي سلمى، والنابغة، وغيرهما، فقال النجدي: والله ما هذا لكم برأي، والله لئن فعلتم لخرج رأيه وحديثه حيث حبستموه، إلى من وراءه من أصحابه، فأوشك أن ينتزعوه من أيديكم، ثم يغلبوكم على ما في أيديكم من أمركم.
فقال قائل منهم: بل نخرجه فننفيه من بلادنا، فإذا غيب عنا وجهه وحديثه، فوالله ما نبالي أين وقع من البلاد، ولئن كان أجمعنا بعد ذلك أمرنا،