حدثته أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك [ما لقيت و] كان أشد منه يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل [بن] عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله عز وجل قد سمع قومك، وأنا ملك الجبال، قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت نطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أشرارهم [أو قال من أصلابهم] (1) من يعبد الله لا يشرك به شيئا.
قال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري قال:
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من كندة [في] مياه لهم، وفيهم سيد لهم يقال له:
مليح، فدعاهم إلى الله عز وجل، فعرض عليهم نفسه، فأبوا أن يقبلوا منه نفاسه، ثم أتى حيا من كلب، يقال لهم، بنو عبد الله، فقال لهم: يا بني عبد الله! قد أحسن الله اسم أبيكم، فلم يقبلوا ما عرض عليهم.
قال أبو نعيم: وحمله عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل على تأكيد الحجة على منى لم يقبله، ولزوال اللائمة عنه صلى الله عليه وسلم في الإساءة بهم إذا أعلاه الله [لكي] لا ينسب إليه - إذا لم يعدم العذر، ويلزمهم الحجة - الغلظة والإساءة بقومه.
وقيل: بل عرض نفسه على القبائل رياضة من الله له، وتنبيها على التوكل عليه في كل أموره، فيبقى له العلو والتمكين، من حيث لا يحتسب،