فلما أتاهما قالا: ما شأنك؟ سجدت لمحمد وقبلت قدميه؟ ولم نرك فعلته بأحد منا! قال: هذا رجل صالح، أخبرني بشئ عرفته، من شأن رسول بعثه الله إلينا، يدعى يونس بن متى، فضحكا به وقالا: لا يفتنك عن نصرانيتك، فإنه رجل خداع، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة (1).
وقال محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر - يعني الواقدي - قال:
حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير ابن مطعم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت أبي طالب إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة رضي الله تبارك وتعالى عنه، وذلك في الثالث من شوال سنة عشر. قال الواقدي: فأقام بالطائف عشرة أيام - قال غيره: شهرا - لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه فكلمه فلم يجيبوه، وخافوا على أحداثهم فقالوا: يا محمد! اخرج من بلدنا وألحق بمحالك من الأرض، وأغروا به سفهاءهم، فجعلوا يرجمونه بالحجارة، حتى إن رجليه لتدميان، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى لقد شج في رأسه شجاجا، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وهو محزون.
فلما نزل نخلة، قام يصلي من الليل، فصرف إليه نفر من الجن، سبعة من أهل نصيبين، فاستمعوا القرآن، وأقام بنخله أياما، فقال له زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم وهم أخرجوك؟ فأرسل رجلا من خزاعة إلى مطعم ابن عدي، أدخل في جوارك؟ قال: نعم.
ويروى أنه أن ذهب إلى الأخنس بن شريق فقال: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي؟ فقال: إن الحليف لا يجير على الصريح، فقال الرسول: ائت سهيل بن عمرو، فقل له: إن محمدا يقول لك: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالات ربي؟ فأتاه، فقال له ذلك، فقال: إن بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخبره فقال: ائت