بدر، في باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم (1).
(١) (فتح الباري): ٧ / ٣٦٤، كتاب المغازي، باب (٤) إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم... حديث رقم (٣٩٥٣).
قوله: (اللهم إني أنشدك) - بفتح الهمزة وسكون النون والمعجمة وضم الدال، أي أطلب منك.
وعند الطبراني بإسناد حسن عن ابن مسعود قال: (ما سمعنا مناشدا ينشد ضالة أشد مناشدة من محمد لربه يوم بدر: (اللهم إني أنشدك ما وعدتني).
قال السهيلي: سبب شدة اجتهاد النبي صلى الله عليه السلام ونصبه في الدعاء لأنه رأى الملائكة تنصب في القتال، والأنصار يخوضون في غمرات الموت، والجهاد تارة يكون بالسلاح وتارة بالدعاء، ومن السنة أن يكون الإمام وراء الجيش، لأنه لا يقاتل معهم فلم يكن ليريح نفسه، فتشاغل بأحد الأمرين وهو الدعاء.
قوله: (اللهم إن شئت لم تعبد) إنما قال ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه خاتم النبيين، فلو هلك هو ومن معه حينئذ. لم يبعث أحد ممن يدعو إلى الإيمان، واستمر المشركون يعبدون غير الله، فالمعنى: لا تعبد في الأرض بهذه الشريعة.
قوله: (فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك) قال الخطابي: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال، بل الحامل النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك شفقته على أصحابه، وتقوية قلوبهم، لأنه كان أول مشهد شهده، فبالغ في التوجه والدعاء والابتهال لتسكن نفوسهم عند ذلك، لأنهم كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة.
فلما قال له أبو بكر ما قال كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له، لما وجد أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة، فلهذا عقب بقوله: (سيهزم الجمع).
وقال غيره: وكان النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة في مقام الخوف، وهو أكمل حالات الصلاة، وجاز عنده أن لا يقع النصر يومئذ لأن وعده بالنصر لم يكن معينا لتلك الواقعة، وإنما كان مجملا. (فتح الباري) مختصرا.