مسعود، وهذه اللفظة - أعني أن عند جماعة من (أهل) (1) العلم بالحديث - محمولة على الانقطاع حتى يتبين السماع واللقاء، ومنهم من لا يلتفت إليها، ويحمل الأمر على المعروف من مجالسة بعضهم بعضا، ومشاهدة بعضهم لبعض، وأخذهم بعضهم من بعض، فإن كان ذلك معروفا لم يسأل عن هذا اللفظة، وكان الحديث عنده على الاتصال، وهذا يشبه أن يكون مذهب مالك - رحمه الله - لأنه في موطئه لا يفرق بين شئ من ذلك، وهذا الحديث متصل عند أهل العلم مسند صحيح لوجوه: منها أن مجالسة بعض المذكورين فيه لبعض مشهورة، ومنها أن هذه القصة قد صح شهود ابن شهاب لما جرى فيها بين عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير بالمدينة، وذلك في أيام عمر عليها لعبد الملك وابنه الوليد، وهذا محفوظ من رواية الثقات لهذا الحديث عن ابن شهاب.
قال: وممن ذكر مشاهدة ابن شهاب للقصة عند عمر بن عبد العزيز مع عروة ابن الزبير في هذا الحديث من أصحاب ابن شهاب: معمر والليث بن سعد وشعيب ابن أبي حمزة وابن جريج، فذكروا رواية الليث التي تقدم ذكرها من طريق النسائي إلا أن سياقه عن ابن شهاب أنه كان قاعدا على منابر عمر بن عبد العزيز في إمارته على المدينة ومعه عروة بن الزبير، فأخر عمر العصر، فقال له عروة: أما أن جبريل قد نزل فصلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عمر: إعلم يا عروة ما تقول، فقال:
سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نزل جبريل فأمني فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه ثم صليت معه، يحسب بأصابعه خمس مرات.
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز فأخر العصر مرة، فقال له عروة: حدثني بشير بن أبي مسعود الأنصاري أن المغيرة ابن شعبة أخر الصلاة مرة - يعني العصر - فقال له أبو مسعود: أما والله يا مغيرة لقد علمت أن جبريل نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الناس معه، ثم نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى الناس معه، حتى عد خمس صلوات، فقال له عمر: أنظر ما تقول يا عروة، أو أن جبريل هو سن وقت الصلاة؟